للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشمس حول الأرض دورة كاملة، أو على قول من يؤول الأدلة ويرى ثبات الشمس: فترة دوران الأرض حول نفسها دورة كاملة، ولذلك قال الإمام الخطابي - كما نقله الحافظ في الفتح - رحمه الله: يحتمل أن يكون المراد باستقرارها تحت العرش أنها تستقر تحته استقرارًا لا نحيط به نحن ... وليس في سجودها كل ليلة تحت العرش ما يعيق عن دورانها في سيرها. وعند محاذاتها لباطن العرش، فإنها تكون عندئذٍ مقابل سمت أو حد من الأرض يحدث عند مواجهته السجود المذكور؛ ولكن هذا السمت أو الحد أو المنتهى. (١)

وقال الحافظ في الفتح في شأن المحاذاة التحتية:

وأما قوله: "تحت العرش" فقيل هو حين محاذاتها، ولا يخالف هذا قوله:

{وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} فإن المراد بها نهاية مدرك البصر إليها حال الغروب.

وقال الطيبي كما نقله صاحب تحفة الأحوذي بشأن حقيقة الاستقرار: وأما قوله مستقرها تحت العرش؛ فلا يُنكَر أن يكون لها استقرار تحت العرش، من حيث لا ندركه ولا نشاهده، وإنما أخبر عن غيب فلا نكذبه ولا نكيفه؛ لأن علمنا لا يحيط به، وهذا السمت أو الحد أو المنتهى المعبر عنه في الحديث بحرف "حتى" للدلالة على الغاية والحد فهو كالسمت، ولا أقول هو السمت الذي في الحديث الذي نصبه الجغرافيون على الخارطة الأرضية، ويسمونه خط الطول الممتد من أقصى شمال الأرض إلى أقصى جنوبها، فإذا حاذت الشمس هذا السمت الذي هو منتهى سيرها اليومي، مع محاذاتها في ذات الوقت لمركز باطن العرش؛ فإنها تسجد سجودًا على الكيفية التي لا يلزم منها أن توافق صفة سجود الآدميين، وعلى هيئة لا تستلزم استنكار الناس من أمرها شيئًا كما جاء في الحديث: "ثم تجري لا يستنكر الناس منها شيئًا" (٢).


(١) فتح الباري (٨/ ٤٠٣).
(٢) البداية والنهاية لابن كثير (١/ ٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>