للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال عبد العزيز بن يحيى وأبو عبيدة: خففنا عنك أعباء النبوة والقيام بها؛ حتى لا تثقل عليك ... ، وقيل: عصمناك عن احتمال الوزر، وحفظناك قبل النبوة في الأربعين من الأدناس، حتى نزل عليك الوحي وأنت مطهر من الأدناس (١).

وقال أيضًا: وقوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤)} [المدثر: ٤] فيه ثمانية أقوال:

أحدهما: أن المراد بالثياب العمل، الثاني: القلب، الثالث: النفس، الرابع: الجسم، الخامس: الأهل، السادس: الخلق، السابع: الدين، الثامن: الثياب الملبوسات على الظاهر (٢).

قال ابن الجوزي: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤)} [المدثر: ٤] فيه ثمانية أقوال:

أحدها: لا تلبسها على معصية، ولا على غدر. قال غيلان بن سلمة الثقفي:

وَإني بِحَمْدِ الله لَا ثَوْبَ فَاجِرٍ ... لَبِسْتُ وَلا مِنْ غَدْرَةٍ أتقَنَعُّ

روى هذا المعنى عكرمة عن ابن عباس - رضي الله عنه -.

والثاني: لا تكن ثيابُك من مكسب غير طاهر، روي عن ابن عباس - رضي الله عنه - أيضًا.

والثالث: طهر نفسك من الذنب، قاله مجاهد، وقتادة. ويشهد له قول عنترة:

فَشَكَكْتُ بالرُّمْحِ الأَصَمِّ ثِيَابَهُ ... لَيْسَ الكَرِيمُ عَلَى القَنَا بِمُحرَّمِ

أي: نفسه، وهذا مذهب ابن قتيبة. قال: المعنى: طهر نفسك من الذنوب، فكنى عن الجسم بالثياب؛ لأنها تشتمل عليه. والرابع: وعَمَلَكَ فَأصْلِحْ، قاله الضحاك.

والخامس: خُلُقَكَ فَحَسِّنْ، قاله الحسن، والقرظي.

والسادس: وثيَابَك فَقَصِّرْ وشَمِّرْ، قاله طاووس.

والسابع: قَلْبَكَ فَطَهِّرْ، قاله سعيد بن جبير. ويشهد له قول امرئ القيس:

فَإنْ يَكُ قَدْ سَاءَتْكِ مِني خَلِيقَة ... فَسُلِّي ثِيابِي مِنْ ثِيَابِكِ تَنْسُلِ

أي: قلبي من قلبك.


(١) تفسير القرطبي (٢٠/ ٩٧). بتصرف
(٢) تفسير القرطبي (١٩/ ٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>