للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيها: أنه صدر الجملة بإنما الدالة على الحصر للمبالغة في ذمهما كأنه قال ليست الخمر وليس الميسر إلا رجسًا فلا خير فيهما البتة.

ثالثها: أنه قرنها بالأنصاب والأزلام التي هي من أعمال الوثنية وخرافات الشرك.

رابعها: أنه جعلها من عمل الشيطان لما ينشأ عنها من الشرور والطغيان، وهل عمل الشيطان إلا موجبًا لسخط الرحمن؟

خامسها: أنه جعل الأمر بتركهما من مادة الاجتناب، وهو أبلغ من الترك لأنه يفيد الأمر بالترك مع البعد عن المتروك بأن يكون التارك في جانب بعيد عن المتروك.

سادسها: أنه جعل اجتنابهما معدًا للفلاح ومرجاة له، فدل ذلك على أن ارتكابهما من الخسران والخيبة في الدنيا والآخرة.

سابعها وثامنها: أنه جعلهما مثارًا للعداوة والبغضاء، وهما شر المفاسد الدنيوية المتعدية إلى أنواع من المعاصي في الأموال والأعراض والأنفس ولذلك سميت الخمر بأم الخبائث وأم الفواحش.

تاسعها وعاشرها: أنه جعلهما صَادَّيْنِ عن ذكر اللَّه وعن الصلاة وهما روح الدين وعماده.

الحادي عشر: الأمر بالانتهاء عنهما بصيغة الاستفهام المقرون بفاء السببية، وهل يصح الفصل بين السبب والمسبب. وفي الآية التالية ثلاثة مؤكدات أخرى نوردها معدودة مع ما قبلها.

الثاني عشر: قوله عز وجل: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا} (المائدة: ٩٢). أي: أطيعوا اللَّه فيما أمركم به من اجتناب الخمر والميسر وغيرهما كما تجتنبون الأنصاب والأزلام أو أشد اجتنابًا وفي كل شيء، وأطيعوا الرسول فيما بَيَّنَهُ لكم مما نزله اللَّه عليكم ومنه قوله: "كل مسكر خمر وكل خمر حرام".

الثالث عشر: قوله عز وجل: {وَاحْذَرُوا} أي: احذروا عصيانهما أو ما يصيبكم إذا خالفتم أمرهما من فتنة الدنيا وعذاب الآخرة فإنه ما حرم عليكم إلا ما يضركم في دنياكم وآخرتكم قال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (النور: ٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>