للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعلم ما يخططون إليه لوفَّر عليهم الكثير: فبدلًا من إقناع أبي طالب له للعمل عند خديجة كمقدمة لكي يرغب في الزواج منها، لكان على الفور طلب الزواج منها، فكل هذا يهدم مسألة وجود تخطيطٍ لتحضير محمد للنبوة.

لماذا لم يتحوَّل محمد - صلى الله عليه وسلم - قبل البعثة إلى اتباع أي طائفة من طوائف اليهود أو النصارى؟

فليس هناك تصريح من محمد - صلى الله عليه وسلم - بأنه كان متبعًا لمذهب ما أو طائفة ما من طوائف اليهود أو النصارى قبل البعثة.

الوجه الخامس: أمور كونية لا علاقة لورقة ولا لغيره فيها. ولبيان ذلك أمور:

الأمر الأول: ما الذي فعله ورقة حتى ينزل الناموس على محمد - صلى الله عليه وسلم -:

فربُّ العالمين قد اصطفى نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - بالرسالة ومهدها له، وكان ذلك من قبل ولادته كالإرهاصات، ومن بعد الولادة أشياء كثيرة منها شق صدره، وخاتم النبوة الذي ولد به، وغيرها كثير فهل كان لورقة دخل في مثل هذه الأمور.

الأمر الثاني: الرؤية الصالحة كانت توطئة لنبوة محمد وليس لورقة تدخل في الرؤيا.

فالرؤيا الصالحة الأصل فيها أنها تكون للأنبياء، ثم لباقي الناس جزءٌ من ذلك، فمن العلامات التي جعلها الله خاصة بالأنبياء: أنهم لا يرون رؤيا إلا وهي تتحقق؛ فكان هذا للنبي - صلى الله عليه وسلم - بمثابة توطئة لنبوته، وقد ذكر ابن كثير قصة نزول الناموس على محمد - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال: فهذا كالتوطئة لما جاء بعده من اليقظة، كما تقدم من قول عائشة - رضي الله عنها -: فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح (١).

ويحتمل أن هذا المنام كان بعد ما رآه في اليقظة صبيحة ليلتئِذٍ، ويحتمل أنه كان بعده بمدة (٢).

فالسؤال: هل كون ورقة أخبر خديجة بنزول الناموس على محمد أن ذلك هو الأمر الوحيد الذي جعل محمدًا نبيًا؟ أم أن هناك مبشرات وإخبارات أخرى تؤكد لمحمد - صلى الله عليه وسلم - أنه نبي؟ بالطبع هناك مبشرات كثيرة لذلك، فهل كان لورقة تدخل في هذه المبشرات؟ !


(١) البخاري (٣)، ومسلم (٢٥٢، ١٦٠).
(٢) السيرة النبوية ١/ ٤٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>