للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتاب من كتب السيرة برواية ليس لها إسناد صحيح، وكانت هذه الرواية غير مشهورة في كتب السيرة، فهذا دليل على عدم قبول هذه الرواية، فنقول: إن خطبة ورقة بن نوفل المشار إليها غير مقبولة من ناحية التحقيق العلمي.

٢ - وحتى لو اعتمدنا على روايات السيرة الحلبية فسنجد أنها لا تدعم فكرة صاحب الشبهة بكون مخطَّطٍ دُبِّرَ لجعل محمد نبيًا، خصوصًا أن كتاب عيون الأثر لم يذكر تلك الخطبة (١).

٣ - جاء في السيرة الحلبية: "أن خديجة - رضي الله تعالى عنها - قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: اذهب إلى عمك فقل له تعجل إلينا بالغداة، فلما جاءها معه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت له: يا أبا طالب تدخل على عمي فكلمه يزوجني من ابن أخيك محمد بن عبد الله، فقال أبو طالب: يا خديجة، لا تستهزئي، فقالت: هذا صنع الله، فقام فذهب وجاء مع عشرة من قومه إلى عمها، وخطب أبو طالب يومئذ فقال: الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل وضئضئ معد - أي: معدنه -، وعنصر مضر - أي: أصله -، وجعلنا حَضَنة بيته - أي: المتكفلين بشأنه -، وسُوَّاس حرمه - أي: القائمين بخدمته -، وجعله لنا بيتا محجوجًا وحرمًا آمنا، وجعلنا حكام الناس، ثم إن ابن أخي هذا محمد بن عبد الله لا يوزن به رجل إلا رجح به شرفًا ونبلًا وفضلًا وعقلًا، وإن كان في المال قل، فإن المال ظل زائل، وأمر حائل وعارية مسترجعة، وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم وخطر جليل، وقد خطب إليكم رغبة في كريمتكم خديجة، وقد بذل لها من الصداق ما عاجله وآجله اثنتي عشرة أوقية ونشًا - وهو عشرون درهمًا والأوقية أربعون درهمًا -، وعند ذلك قال عمها عمرو بن أسد: هو الفحل لا يقدع كلاهما، وأنكحها منه. وقيل: قائل ذلك ورقة بن نوفل؛ أي: فإنه بعد أن


= الكتاب الكلام على سرايا النبي وشمائله وخصائصه وصفاته. . . إلا أن الحلبي تصرف في روايات وزاد في كتابه من الحشو المذموم؛ حيث تم إدخال روايات أخرى ليس لها أصل في الكتب المعتمدة في سيرته.
وللشيخ أكرم ضياء العمري مقالة وجيزة عن الكتاب نصها:
. . . ومنها (السيرة الحلبية) لبرهان الدين الحلبي ت ٨٤١ هـ، فيه حشو وقصص إسرائيلية (أحال الدكتور العمري هنا إلى كتاب: تاريخ العرب قبل الإسلام لجواد علي)، وقد حذف الحلبي أسانيد الروايات، واكتفي بذكر راوي الخبر، وشرح بعض الغريب، وإضافة تعليقات أخرى.
(١) عيون الأثر لابن سيد الناس ١/ ٦٩؛ ذكر سفره - عليه السلام - إلى الشام مرة ثانية وتزويجه خديجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>