يتساءل البعض لم لا تربى الخنازير تربية صحية نظيفة؟ ولم لا تتخذ الوسائل لاكتشاف اللحوم المصابة وإتلافها؟ في ذا كان ذلك ممكنًا في مكان وظروف معينة فهل يمكن تحقيقه في كل الظروف؟ أوليس الأولى عدم المخاطرة وتجنب المهالك؟ بل الحقيقة أن هذه الوسائل كلها لم تكن مجدية في واقع الحال في أي زمان ومكان.
ويأتينا الدليل من الولايات المتحدة حيث مستوى المعيشة فيها على ما نعلم فبينما نرى أن أفقر قطر إسلامي قد نجا من هذا البلاء، فإنه يوجد في الولايات المتحدة ثلاثة أمثال ما في العالم أجمع من الإصابات بالطفيليات الخنزيرية، علمًا بأن الإحصاءات غير دقيقة؛ لأن الآفات لا تشخص سريريًا إلا إذا كانت شديدة ومعظم الحالات لا تشخص إلا بعد الوفاة. وتجري في الغرب إجراءات شاقة ومحاولات باهظة لوقاية الخنازير وآكليها من الديدان الشعرية الحلزونية وغيرها.
ففي الولايات المتحدة التي يربى فيها أكثر من مليون ونصف من الخنازير، جزئيًا أو كليًا على القمامة، صدرت قوانين تقضي بتعريض القمامة للبخار الساخن مدة نصف ساعة قبل تقديمها للخنازير. ولكن ما هي نتيجة هذه الجهود الكبيرة؟
لقد قدرت الإحصاءات أن نحوًا من ٥ % من خنازير بوسطن و ٥.١٨ % من ذبائح متشيغان مصابة بهذه آلافة (ويلككس وماتسون با) (أما اللحوم فإن معالجتها بالكوبالت والسيزيوم المشعين يؤدي إلى إصابة الديدان الناشئة بالعقم مما يمنع تكاثرها، لكن هذا الإجراء دقيق وليس من الميسور تطبيقه، ثم إن التجميد السريع بالتبريد ثم التخزين الطويل في درجات حرارة شديدة الانخفاض تقضي على الطفيليات الدقيقة فيه.
وتقضي التعليمات الصحية في الولايات المتحدة بخزن لحوم الخنازير التي تؤكل نيئة ٢٠ يومًا كاملًا في درجة حرارة ١٥ تحت الصفر. كما أن غلي اللحوم تقتل الطفيليات لذا يوصى بغليها فترة تتناسب وحجمها: ومع كل هذه الجهود الشاقة والنفقات الباهظة في تزال الإحصاءات تشير إلى تلك النسب المرتفعة من الإصابة.