ومثله في خاتمة يوحنا يقول:"٣١ وَأَمَّا هذ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ المُسِيحُ ابْنُ الله"(يوحنا ٢٠/ ٣٠ - ٣١)، وقد كتبه بطلب من أساقفة آسيا لا الروح القدس، وهو لا يقول بأن الله ألهمه ذلك.
ويقول:"٢٤ هذَا هُوَ التِّلْمِيذُ الَّذِي يَشْهَدُ بِهذَا وَكَتَبَ هذَا. وَنَعْلَمُ أَنَّ شَهَادَتَهُ حَقٌّ. "فلم يذكر شيئًا عن إلهام هذا الإنجيل، ثم قال بعدها ما أثبت صفة البشرية لكلامه:"٢٥ وَأَشْيَاءُ أُخَرُ كَثيرَةٌ صَنَعَهَا يَسُوعُ، إِنْ كُتِبَتْ وَاحِدَةً واحِدَةً، فَلَسْتُ أَظُنُّ أَنَّ الْعَالمَ نَفْسَهُ يَسَعُ الْكُتُبَ المُكْتُوبَةَ. آمِينَ (يوحنا ٢١/ ٢٤ - ٢٥)، فمثل هذه المبالغة لا يغيب أنَّها صنعة بشرية لعادة البشر في ذلك. (١)
وعلاوة على هذا كله فإن في الرسائل فقرات تنفي هي عن نفسها دعوى الإلهام وتكذبه، وتشهد لصاحبها بأنه يتحدث ببشرية تامة، وأن الوحي لا علاقة له بما يكتب.
ومن ذلك قول بولس عن المتزوج بغير المؤمنة: "١٢ وَأَمَّا الْبَاقُونَ، فَأَقُولُ لهمْ أَنَا، لَا الرَّبُّ: ... " (كورنثوس (١) ٧/ ١٢)، فكلامه في هذه المسألة لا علاقة له بالوحي، لكنهم مع ذلك يعتبرونه جزءًا من كلمة الله.
ويقول عن أمر آخر: "٢٥ وَأَمَّا الْعَذَارَى، فَلَيْسَ عِنْدِي أَمْرٌ مِنَ الرَّبِّ فِيهِنَّ، وَلكِنَّنِي أُعْطِي رَأْيًا ... " (كورنثوس (١) ٧/ ٢٥)، فهل نصدق بولس، وهو يصف كلامه هنا بأنه رأي شخصي أم نصدق النصارى الذين يقولون عن هذه العبارات أنَّها أيضًا ملهمة من قبل الله ووحيه؟ .
ويؤكد بولس ثانية أن بعض ما يصدر عنه هو محض رأي بشري واجتهاد شخصي منه، فيقول: "٨ لَسْتُ أَقُولُ عَلَى سَبِيلِ الأَمْرِ، بَلْ بِاجْتِهَادِ آخَرِينَ، ... ١٠ أُعْطِي رَأْيًا فِي هذَا أيضًا. .. " (كورنثوس (٢) ٨/ ٨ - ١٠).
ويقول بولس أيضًا وهو ينفي عن كلامه صفة القداسة: "١٧ الَّذِي أَتَكَلَّمُ بِهِ لَسْتُ أَتَكَلَّمُ بِهِ بِحَسَبِ الرَّبِّ، بَلْ كَأَنَّهُ فِي غَبَاوَةٍ، فِي جَسَارَةِ الافْتِخَارِ هذه." (كورنثوس (٢) ١١/ ١٦ - ١٧).