للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن رجب الحنبلي (١): وأما الغناء المهيج للطباع، المثير للهوى، فلا يباح لرجل ولا لامرأة فعله ولا استماعه؛ فإنه داع إلى الفسق، والفتنة في الدين، والفجور؛ فيحرم كما يحرم النظر بشهوة إلى الصور الجميلة، فإن الفتنة تحصل بالنظر وبالسماع؛ ولهذا جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- زنا العينين النظر، وزنا الأذن الاستماع. (٢)

ولا خلاف بين العلماء المعتبرين في كراهة الغناء وذمه وذم استماعه، ولم يرخص فيه أحد يعتد به. وقد حكيت الرخصة فيه على بعض المدنيين.

وقد روى أحمد، عن إسحاق الطباع، أنه سأل مالكًا عما يرخص فيه أهل المدينة من الغناء؟ فقالَ: إنما يفعله عندنا الفساق (٣). وكذا قالَ إبراهيم بن المنذر الحزامي. (٤) وهو من علماء أهل المدينة- أيضًا. وقد نص أحمد على مخالفة ما حكي عن المدنيين في ذَلِكَ.

قال الإمام الذهبي: أهل المدينة يترخصون في الغناء، هم معروفون بالتسامح فيه. (٥)

وكذا نص هو وإسحاق على كراهة الشعر الرقيق الذي يشبب به النساء. (٦)

وقال أحمد: الغناء الذي وردت فيه الرخصة هو غناء الراكب: أتيناكم أتيناكم.

وفي المبدع شرح المقنع: يحرم استماع صوت كل ملهاة مع غناء وغيره؛ في سرور وغيره، وفيه "التغيير يتبع الغِنَاء الذي معَهُ إن حرمَ حَرُمَ، وإن كره كره، وقيل يحرم مطلقًا.

قال أحمد: "أكره التغيير لأنه يلذ ويطرب. وقال: لا يسمع التغيير فقيل: هو بدعة. فقال: حسبك (٧).


(١) فتح الباري ٨/ ٤٣٥ - ٤٣٦.
(٢) متفق عليه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، البخاري (٦٦١٢)، ومسلم (٢٦٥٧).
(٣) الجامع في العلل (١٤٩٩)، وصحح سنده الألباني في تحريم آلات الطرب صـ (١٠١).
(٤) أخرجه أبو بكر الخلال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (١٧٠).
(٥) سير أعلام النبلاء ٨/ ٣٧٢.
(٦) مسائل الإمام أحمد (٣٢٧٤).
(٧) المباع شرح المقنع ١٠/ ٢٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>