وإذا كان إبراهيم الخليل -عليه السلام- لم يولد له إسماعيل إلا في السادسة والثمانين من عمره فإن إسحاق لم يولد له إلا بعد أن بلغ المائة سنة من عمره كما ذكر السفر نفسه، وإليك النص:(وكَانَ إِبْرَاهِيمُ ابْنَ مِئَةِ سَنَةٍ حِينَ وُلدَ لَهُ إِسْحَاقُ ابْنُهُ)(التكوين ٢١/ ٥).
وعلى هذا يكون سن سيدنا إسماعيل عندما وُلدَ سيدنا إسحاق قد بلغ الرابعة عشر من عمره، بل إن سفر التكوين قد نص في موضع آخر على أن إسماعيل كان عمره ثلاث عشرة سنة، حينما ختنه أبوه إبراهيم وقد تم هذا حينما بشر بإسحاق قبل أن تحمل به أمه سارة وكان عمره في هذا الوقت تسعًا وتسعين سنة (التكوين ١٧/ ٢٧: ١٥)، وبناءً على ذلك فإنه لا يمكن أن يتحقق وصف الابن الوحيد لإسحاق إلا بموت إسماعيل في حياة أبيه، ولكن الأسفار تذكر أن إسماعيل كان موجودًا أثناء فطام إسحاق وكان يلعب معه (التكوين ٢١/ ١٠: ٨)، بل إن الأسفار أيضًا تثبت أن إسماعيل ظل حيًا حتى قام بدفن إبراهيم مع أخيه إسحاق عليهم السلام (التكوين ٢٥/ ٩).
وعلى هذا فلا ينطبق هذا الوصف (الوحيد) إلا على إسماعيل طوال الأربعة عشر عامًا قبل مولد إسحاق، وهذا يدل على أن كلمة إسحاق بجوار وحيدك لا تتلاءم وأنها قد أقحمت إقحامًا وحشرت حشرًا على النص، كذلك فإن إنجيل (برنابا) يذكر على لسان المسيح -عليه السلام- أن العهد صنع بإسماعيل لإسحاق وأن إسماعيل هو الذبيح ووصفه (بالبكر)(١).
وما يدل ويزيد التوكيد بشأن إضافة كلمة إسحاق أن النسخة العبرية تشتمل على كلمة (بكرك) بدلًا من كلمة (وحيدك) ولفظ بكرك -بدون شك ولا ريب- أشد دلالة وأكثر تحديدًا من لفظ
(١) إنجيل برنابا (الفصل الثالث والأربعون، والرابع والأربعون).