للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَدَاعِ حَيْثُ قَالَ قَصّرْت عَنْ رَسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بِمِشْقَصٍ عَلَى الْمَرْوةِ فِي حَجّتِهِ وَقَدْ تَقَدّمَ فِي الحْجّ وَسَفَرُ الْوَهْمِ مِنْ زَمَانٍ إلَى زَمَانٍ وَمِنْ مَكَانٍ إلَى مَكَانٍ وَمنْ وَاقِعَةٍ إلَى وَاقِعَةٍ كَثِيرًا مَا يَعْرِضُ لِلْحُفّاظِ فَمَنْ دُونَهُمْ.

وَالصّحِيحُ: أَنّ الْمُتْعَةَ إنّمَا حُرّمَتْ عَامَ الْفَتْحِ. (١)

قال ابن حجر: وأما حجة الوداع فهو اختلاف على الربيع بن سبرة، والرواية عنه بأنها في الفتح أصح وأشهر (٢).

قال القاضي عياض: فيؤخذ من حديثه (سبرة بن معبد) ما اتفق عليه جمهور الرواة ووافقه عليه غيره من الصحابة -رضي اللَّه عنهم- من النهي عنها يوم الفتح (٣).

وعلى القول بأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حرمها في حجة الوداع؛ فليس هذا بمعارض للأحاديث الأخرى؛ وذلك لأن الحديث ليس فيه إباحة المتعة، وإنما هو مجرد النهي عنها كما في بعض الروايات، فلعله -صلى اللَّه عليه وسلم- أراد إعادة النهي ليشيع ويسمعه من لم يسمعه قبل ذلك، وذلك لكثرة من حضرها من الخلائق، فهذا أعم وَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِد الْغَائِب، وَلِتَمَامِ الدِّين، وَتَقَرُّر الشَّرِيعَة كَمَا قَرَّرَ غَيْر شَيْء وَبَيَّنَ الحْلَال وَالْحَرَام يَوْمئِذٍ، وَبَتَّ تَحْرِيم الْمُتْعَة حِينَئِذٍ لِقَوْلِهِ: "إِلَى يَوْم الْقِيَامَة". (٤)

وبعد هذا: فقد تبين أن الصحيح من ذلك هو أن المتعة كانت مباحة، ثم حرمت يوم خيبر، ثم أبيحت، ثم حرمها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم الفتح وهو الذي عليه الجمهور، وتحريمها في أوطاس داخل في عام الفتح كما سبق؛ لأنهما في سنة واحدة. وأما عن حجة الوداع، فليس فيها إلا كما قدمنا إعادة النهي وإشاعته.


(١) زاد المعاد (٣/ ٤٥٩).
(٢) فتح الباري (٩/ ٧٥).
(٣) شرح مسلم (٥/ ٢٠١).
(٤) شرح مسلم للنووي (٥/ ٢٠١)، وفتح الباري (٩/ ٧٥)، وتلخيص الحبير (٢/ ١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>