للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استن استنانا قط أحسن منه فما عدا أن فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رفع يده أو إصبعه ثم قال: "في الرفيق الأعلى". ثلاثًا ثم قضى، وكانت تقول: مات بين حاقنتي وذاقنتي. (١)

فانظر كيف كانت مراقبة لعين رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكيف كانت عارفة بما يحب وما يريد حتى في مثل هذه الحال، فهل يعد هذا من سوء الخلق إلا عند حاسد شانئ وأم المؤمنين تعد من نعم الله عليها أن جمع الله بين ريقها وريق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في آخر يوم من حياته، فعن ابن أبي مليكة أن أبا عمرو ذكوان مولى عائشة أخبره أن عائشة كانت تقول: إن من نعم الله علي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توفي في بيتي وفي يومي وبين سحري ونحري وأن الله جمع بين ريقي وريقه عند موته دخل علي عبد الرحمن وبيده السواك وأنا مسندة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرأيته ينظر إليه وعرفت أنه يحب السواك فقلت: آخذه لك؟ فأشار برأسه (أن نعم)، فتناولته فاشتد عليه وقلت ألينه لك؟ فأشار برأسه (أن نعم). فلينته فأمره وبين يديه ركوة أو علبة - يشك عمر - فيها ماء فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بهما وجهه يقول: "لا إله الإ الله إن للموت سكرات", ثم نصب يده فجعل يقول: "اللهم في الرفيق الأعلى" حتى قبض ومالت يده. (٢)

وكيف كان قلبها يتفطر وهي ترى سكرات الموت تنزل برسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى قالت: توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو قبض أو مات وهو بين حاقنتي وذاقنتي، فلا أكره شدة الموت لأحد أبدًا بعد الذي رأيت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٣).

٤ - ثم هذا جوابها على الفور لما خيَّرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

عن ابن شهاب قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: لما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتخيير أزواجه بدأ بي فقال: "إني ذاكرًا لك أمرًا فلا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك"، قالت: وقد علم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقه قالت ثم قال إن الله جل ثناؤه قال {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ


(١) البخاري (٤٤٣٨).
(٢) البخاري (٤٤٤٩).
(٣) أحمد (٦/ ٧٧)، والبخاري (٤٤٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>