للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الأول: قال السيوطي: إسناده منقطع (١).

الوجه الثاني: وعلى تقدير أن يكون محفوظًا فمراده بجمعه حفظه في صدره. كما قاله ابن أبي داود وابن حجر فيما سبق (٢).

والصواب - والله أعلم - أن أوَّلية أبي بكر في جمع القرآن أولية خاصةٌّ، إذ قد كان للصحابة مصاحف كتبوا فيها القرآن قبل جمع أبي بكر، وهذا لا يعكر صفو القول بأن أول من جمع القرآن هو الصدِّيق؛ لأن مصاحف الصحابة الأخرى إنَّما كانت أعمالًا فردية، لم تظفر بِما ظفر به مصحف الصدِّيق من دقَّة البحث والتحرِّي، ومن الاقتصار على ما لم تنسخ تلاوته، ومن بلوغها حدَّ التواتر، ومن إجماع الأمة عليها، إلى غير ذلك من الْمزايا التي كانت لمصحف الصدِّيق. فلا يضير مع كل هذه الْمزايا أن يُروى أن عليًّا أو عمر أو سالِمًا كان أول من جمع القرآن، فقُصارى تلك الروايات أنَّها تثبت أن بعض الصحابة كان قد كتب القرآن في مصحف، ولكنها لا تُعطي هذا المصحف تلك الصفة الإجماعية، ولا تخلع عليه تلك المزايا التي للمصحف الذي جمع على عهد أبي بكر. (٣)


(١) الإتقان في علوم القرآن ١/ ١٦٦.
قال السيوطي على فرض صحته: هو محمول على أنه كان أحد الجامعين بأمر أبي بكر.
وتعقبه الآلوسي بقوله: وهي عثرة منه، لا يقال لصاحبها لعَا؛ لأن سالمًا هذا قتل في وقعة اليمامة، كما يدل عليه كلام الحافظ ابن حجر في إصابته، ونص عليه السيوطي نفسه في إتقانه بعد هذا المبحث بأوراق، ولا شك أن الأمر بالجمع وقع من الصديق بعد تلك الوقعة، وهي التي كانت سببًا له كما يدل عليه حديث البخاري الذي قدمناه فسبحان من لا ينسى. تفسير الآلوسي ١/ ٢٢.
(٢) المصاحف ١/ ١٨١، فتح الباري ٨/ ٦٢٩.
(٣) مناهل العرفان في علوم القرآن ١/ ٢٥٤ - ٢٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>