للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقول بغي واحتيالها في ذلك. ولو لم يقل الله تعالى: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} لم نعلم نحن أن ذلك شبهه لأن اليهود أعداؤه وهم يدعون ذلك والنصارى أولياؤه وهم يقرون لهم به وقتلت الأنبياء وطبختهم وعذبتهم أنواع العذاب ولو شاء الله جل وعز لعصمهم منهم وقد سم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذراع شاة مشوية سمته يهودية فلم يزل السم يعاده حتى مات وقال - صلى الله عليه وسلم -: ما زالت أكلة خيبر تعادني فهذا أوان انقطاع أبهري فجعل الله تعالى لليهودية عليه السبيل حتى قتلته ومن قبل ذلك ما جعل الله لهم السبيل على النبيين والسحر أيسر خطبًا من القتل والطبخ والتعذيب. (١)

وقد ثبت في "الصحيحين" عن عائشة - رضي الله عنه - أنها قالت: سُحِرَ - صلى الله عليه وسلم - حتى إن كان ليخيل إليه أنه يأتي نساءه ولم يأتهن". (٢)

فالعجب ممن يظن هذا الذي وقع من المرض بسبب السحر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قادحًا في رسالته مع ما هو صريح في القرآن في قصة موسى مع سحرة فرعون حيث صار يخيل إليه من سحرهم أن عصيهم تسعى فثبته الله كما دل عليه قوله تعالى {قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى (٦٨) وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (٦٩) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى} [طه: ٦٨ - ٧٠].

ولم يقل أحد من أهل العلم ولا من أهل الذكاء أن ما خيل لموسى - عليه السلام - أولًا من سعى عصى السحرة قادح في رسالته بل وقوع مثل هذا للأنبياء عليهم الصلاة والسلام يزيد قوة الإيمان بهم لكون الله تعالى ينصرهم على أعدائهم ويخرق لهم العادة بالمعجزات الباهرة ويخذل السحرة والكفرة ويجعل العاقبة للمتقين كما هو مبين في آيات الكتاب المبين. (٣)


(١) انظر تأويل مختلف الحديث (١/ ١٧٩ - ١٨٢).
(٢) زاد المعاد (٤/ ١٢٤).
(٣) زاد المسلم (٤/ ٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>