للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ما يتعلق بالتبليغ، بل هو من جنس ما كان يناله من ضرر سائر الأمراض من ضعف عن الكلام أو العجز عن بعض الفعل أو حدوث تخيل لا يستمر بل يزول ويبطل الله كيد الشياطين.

والسحر مرض من الأمراض وعارض من العلل يجوز عليه - صلى الله عليه وسلم - كأنواع الأمراض مما لا ينكر ولا يقدح في نبوته وأما كونه يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يفعله فليس في هذا ما يدخل عليه داخلة في شيء من صدقه لقيام الدليل والإجماع على عصمته من هذا وإنما هذا فيما يجوز طروه عليه في أمر دنياه التي لم يبعث لسببها ولا فضل من أجلها وهو فيها عرضة للآفات كسائر البشر فغير بعيد أنه يخيل إليه من أمورها ما لا حقيقة له ثم ينجلي عنه كما كان. (١)

والمرض الذي لا نقص فيه في الدنيا يقع للأنبياء ويزيد في درجاتهم في الآخرة عليهم الصلاة والسلام وحينئذ فإذا خيل له بسبب مرض السحر أنه يفعل شيئًا من أمور الدنيا وهو لم يفعله ثم زال ذلك عنه بالكلية بسبب اطلاع الله تعالى له على مكان السحر وإخراجه إياه من محله ودفنه فلا نقص يلتحق الرسالة من هذا كله لأنه كسائر الأمراض، لا تسلط له على عقله بل هو خاص بظاهر جسده كبصره حيث صار يخيل إليه تارة فعل الشيء من ملامسة بعض أزواجه وهو لم يفعله وهذا في زمن المرض لا يضر. (٢)

وليس هذا مما يجتر الناس به إلى أنفسهم نفعًا ولا يصرفون عنها ضرًا ولا يكسبون به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثناء ومدحًا ولا حملة هذا الحديث كذابين ولا متهمين ولا معادين لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وما ينكر أن يكون لبيد بن الأعصم هذا اليهودي سحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد قتلت اليهود قبله زكريا بن آذن في جوف شجرة قطعته قطعًا بالمناشير.

وذكر وهب بن منبه أو غيره أنه - صلى الله عليه وسلم - لما وصل المنشار إلى أضلاعه أن فأوحى الله تعالى إليه إما أن تكف عن أنينك، وإما أن أهلك الأرض ومن عليها وقتلت بعده ابنه يحيى


(١) زاد المعاد (جـ ٤ صـ ١٢٤).
(٢) زاد المسلم (٤/ ٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>