للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالنسخ هذا المعنى الاصطلاحي؛ بل كانوا يقصدون به ما هو أعم منه مما يشمل بيان المجمل وتقييد المطلق ونحوها. (١)

قال د/ مصطفى زيد: لم يُهلنا الأمر عندما وجدنا أن قضايا النسخ كما تجمعت لدينا قد أربى عددها على مائتين وتسعين قضية، فنحن نعلم أن من بين هذه القضايا دعاوى نسخ في آيات إخبارية لا تشريع فيها على الإطلاق، ودعاوى أخرى في أحكام لم يشرع الإسلام غيرها في موضوعها، ودعاوى في آيات ليس فيها إلا تخصيص العام أو تقييد المطلق، أو بيان المبهم، أو تفصيل المجمل، ودعاوى لم تقم أصلًا إلا على سوء الفهم للنص القرآني المنسوخ أو الناسخ أو كليهما بسبب تجاهل سبب النزول أو دلالة السياق، أو بسبب القصور عن إدراك الأسلوب القرآني وإعجازه البليغ، أو بسبب آخر غير هذا وذاك.

ومن هنا أيضًا لم يدهشنا أن ينزل السيوطي في الإتقان بهذا العدد الكبير إلى أقل من عُشره، حين قرر أن عدد الآيات المنسوخة في القرآن لا يتجاوز عشرين آية، فقد تكشف مناقشتنا لدعاوى النسخ في هذه الآيات عن رفض بعض هذه الدعاوى، وتنزل بهذا العدد الذي حدده السيوطي إلى ما دون نصفه: ربعه أو نحوه. (٢)

ثم قال: وينبغي أن يكون معلومًا أن العدد الذي عرضه كل مصنف في كتابه ليس تحديدًا دقيقًا لعدد وقائع النسخ عنده، فهو لا يعدو في جملته أن يكون قضايا كما عبرنا، ومن بين هذه القضايا كثير حكوا في نسخه خلافًا، ومن بين هذه القضايا التي اختلفوا في نسخها قليل انتهوا من مناقشة دعوى النسخ فيه إلى إثبات أنه محكم، ومن بينها كذلك قضايا أثبتت مناقشتها أنها ناسخة وليست منسوخة، حتى عندهم. (٣)

وقال أيضًا: فها هنا تنتهي مناقشتنا للآيات التي ادعى عليها النسخ وليست منسوخة عرضنا منها حسبما مرتبًا:


(١) مناهل العرفان ٢/ ٢١٠.
(٢) النسخ في القرآن (١/ ٤٢٢).
(٣) المصدر السابق (١/ ٤٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>