كان معناه الأمر بالتفويض وترك المعاقبة، وقوله في البقرة:{وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا}[البقرة: ٨٣]، عده بعضه من المنسوخ بآية السيف، وقد غلطه ابن الحصار بأن الآية حكاية عما أخذه على بني إسرائيل من الميثاق فهو خبر فلا نسخ فيه وقس على ذلك.
وقسم هو من قسم المخصوص لا من قسم المنسوخ. وقد اعتنى ابن العربي بتحريره فأجاد كقوله {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} [العصر: ٢، ٣] {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (٢٢٤)} {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا}[الشعراء: ٢٢٤, ٢٢٧] , {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ}[البقرة: ١٠٩]، وغير ذلك من الآيات التي خصت باستثناء أو غاية. وقد أخطأ من أدخلها في المنسوخ، ومنه قوله {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ}[البقرة: ٢٢١] قيل إنه نسخ، بقوله {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ}[المائدة: ٥]، وإنما هو مخصوص به. وقسم رفع ما كان عليه الأمر في الجاهلية أو في شرائع من قبلنا أو في أول الإسلام ولم ينزل في القرآن، كإبطال نكاح نساء الآباء، ومشروعية القصاص والدية، وحصر الطلاق في الثلاث، وهذا إدخاله في قسم الناسخ قريب، ولكن عدم إدخاله أقرب، وهو الذي رجحه مكي وغيره، ووجهوه بأن ذلك لو عُدَّ في الناسخ لعُدَّ جميع القرآن منه إذ كله أو أكثره رافع لما كان عليه الكفار وأهل الكتاب.
قالوا: وإنما حق الناسخ والمنسوخ أن تكون آية نسخت آية اهـ.
نعم النوع الآخر منه وهو رافع ما كان في أول الإسلام إدخاله أوجه من القسمين قبله، إذا علمت ذلك فقد خرج من الآيات التي أوردها المكثرون الجم الغفير مع آيات الصفح والعفو إن قلنا إن آية السيف لم تنسخها، وبقي مما يصلح لذلك عدد يسير.
فقد لخص رحمه الله جملة هذه الآيات المنسوخة في هذه الأبيات فقال: