للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإنسان لو نزع منها خاصية الليونة في المفاصل ووجود أنامل إصبع؛ لانتفت قدرة اليد على الإمساك بالقلم والفأس بطلاقة، نعم هناك بعض القرود قد تفعل ذلك ولكن ليس بنفس طلاقة فعل الإنسان وقوة تحكمه.

وفي هذا امتنان من اللَّه على الإنسان وتكريمه على باقي خلقه؛ قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} (الإسراء: ٧٠).

إذًا هذا دليل على أن هناك حكم وأسرار في هذا البنان الذي هو لدى الإنسان ولا يدري ما فيه من تلك الحكم وتلك الأسرار، فهل هو شاكرٌ لهذه النعمة ومعترف بربه ذو الحكمة، أم أنه ينتظر أن تزول تلك النعمة منه في الدنيا بأن يمسخ أو في الآخرة بأن يُشوَّه.

٣ - يوم القيامة سيحدث فيه تغيير لخلقة المجرمين من البشر؛ قال تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}، أي: في أعدل خلق وفي أحسن صورة، {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (٥)} أي: إلى النار، قاله الحسن، وأبو العالية، ومجاهد، والمعنى: إنا نفعل هذا بكثير من الناس، تقول العرب: أنفق فلان ماله على فلان، أي لم ينفقه كله (١).

فمن الناس يوم القيامة من سيكون مثل الذر.

٤ - هناك من البشر من تشبه يديه يد الحيوان وكذلك رجليه، وليس هذا ظاهرًا للناس، ولكن الإنسان عندما يُعرض عن الحق فكأنه يتشبه بالحيوانات التي لا تعلق، فلقد شبَّه اللَّه أذن الكافر بأذن الحيوان ليس ذلك لأنه يشبهها في الشكل الظاهري؛ ولكن لأنه لم يستفد من جعل أذنه تسمع الحق ليعمل به؛ قال تعالى: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (١٧١)} (البقرة: ١٧١).

حتى إن العرب تقول جعد البنان: للبخيل.


(١) زاد المسير ٦/ ١٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>