لقب أطلق على كثيرين غير المسيح عيسى، ممن مسحهم الله ببركته من الأنبياء كداود وإشعيا. (انظر المزمور ٤٥/ ٧، وإشعيا ٦١/ ١)، فلا وجه لتخصيص المسيح بالمسح دون غيره ممن الممسوحين. وأمام الحرج الذي يسببه نص سفر الأمثال؛ فإن البعض من النصارى يقولون: إن المتحدث في سفر الأمثال، هو حكمة الله، التي هي صفته الذاتية القائمة به في الأزل، وليس فعله الذي منحه لنبي الله سليمان، وهذا المعنى مرفوض بدلالة النص الذي يتحدث عن نبي ممسوح بزيت البركة "منذ الأزل مسحت"، وصفة الله القائمة به لا يمكن أن تمسح، ولماذا تمسح؟
كما أن النص يتحدث عن حكمة مخلوقة، وإن كانت قديمة، فقد قالت الحكمة:"الرب قناني أول طريقه .. ومن قبل أن تقرر الجبال أبدئت، قبل التلال أبدئت"، وفي الترجمة الإنجليزية المسماة (THE GOOD NEWS BIBLE): ، والصادرة عام ١٩٧٨ - ١٩٩٧، تستخدم كلمة (خلقني)، فتقول: the iord created me " بدلًا من قوله: (الرب قناني). وهو ذات الصنيع الذي صنعته نسخة الرهبانية اليسوعية، ففيها: "الرب خلقني أول طرقه، قبل أعماله"، وهكذا فهذه الحكمة مخلوقة قديما، وهي مبدأة من قبل الجبال والتلال.
وفي حكمة ابن سيراخ "قبل كل شيء خلقت الحكمة" (ابن سيراخ ١/ ٤)، وتحديدًا "قبل الدهور، ومنذ البدء خلقني، وإلى الدهور لا أزول" (سيراخ ٢٤/ ٩)، فهي ليست حكمة الله الأزلية، بل حكمته التي أعطاها الحكماء فتجسدت فيهم، وفي مقدمتهم سليمان الحكيم، والذي "رأوا حكمة الله فيه" (الملوك (١) ٣/ ٣٨).
والمتأمل بتجرد للنص، لن يجد صعوبة لفهم نوع الحكمة التي تتحدث في النص السالف، فهي ثمينة "لأَنَّ الْحِكْمَةَ خَيْرٌ مِنَ الَّلَالِئِ، وَكُلُّ الجْوَاهِرِ لَا تُسَاوِيهَا." (الأمثال ٨/ ١١)، وهي بشرية "فم الصديق ينبت الحكمة" (الأمثال ١٠/ ٣١)، وأول درجات هذه الحكمة البشرية مخافة الله "بدء الحكمة مخافة الله" (الأمثال ٩/ ١٠).