للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَبِعَهُ أَيْضًا تَلَامِيذُهُ. ٤٠ وَلمَّا صَارَ إِلَى الْمَكَانِ قَال لَهُمْ: "صَلُّوا لِكَيْ لَا تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ". ٤١ وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى ٤٢ قَائِلًا: "يَا أَبَتَاهُ، إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسَ. وَلكِنْ لِتَكُنْ لَا إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ". ٤٣ وَظَهَرَ لَهُ مَلَاكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ. ٤٤ وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ، وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ. ٤٥ ثُمَّ قَامَ مِنَ الصَّلَاةِ وَجَاءَ إِلَى تَلَامِيذِهِ، فَوَجَدَهُمْ نِيَامًا مِنَ الْحُزْنِ. ٤٦ فَقَال لَهُمْ: "لِمَاذَا أَنْتُمْ نِيَامٌ؟ قُومُوا وَصَلُّوا لِئَلَّا تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ"." (٢٢/ ٣٩ - ٤٦).

فنلاحظ من خلال هذه الروايات مدى الفزع والهلع الذي حل بيسوع، يقول جورج كيرد في تفسيره لهذه الفقرات: "حسب رواية مرقس (الذي كان مصدرًا للوقا) نجد أن يسوع بدأ يكتنفه الآن الفزع والذهول، وقد تحدث إلى تلاميذه عن الحزن الذي صحب استنزاف حياته وتلاشيها، ولما كان غير قادر على رفقة أعز أصحابه (تلاميذه) فإنه قضى الليل في تشنجات متتالية من صلاة المكروب".

وعندما نتذكر الشجاعة والثبات التي واجه بها الموت رجال آخرون شجعان، بكل أشكاله البربرية وما كان يصحب ذلك من تعذيب مفرط، فلا يسعنا إلا أن نتسائل عن ماهية الكأس التي كان يسوع يرجو الله - في صلاته - أن يجيزها عنه. (١)

"إن تحذير يسوع لتلاميذه من خطر التجربة يكشف لنا عن شعوره بأنه شخصيًا وتلاميذه قد أحاطت بهم سلطات الظلمة الروحية، التي جاهدها في مستهل دعوته.

ولقد كان من بواعث محنته، ما شعر به من أن جهاده وما كان يمثله من طهر وكمال، يتعرض آنذاك بصورة مروعة لعملية اغتصاب نهائي على يد سلطات الظلمة". (٢)

أما رواية يوحنا فإنها تذكر أن يسوع استنفد الفترة ما بين خروج يهوذا لتنفيذ مؤامرته، وعودته مع القوة التي جاءت للقبض على معلمه، في جعل يسوع يلقي محاضرة طويلة على


(١) انظر: المسيح في مصادر العقائد المسيحية (١٤٠ - ١٤٢).
(٢) تفسير إنجيل لوقا، مرجع سابق (٢٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>