للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النصارى أنفسهم وإليك بيان ذلك:

نقل الشيخ رشيد رضا عن دائرة المعارف الفرنسية أن الأناجيل الأربعة المعتمدة لدى النصارى ما ظهرت إلا بعد ثلاثة قرون من تاريخ المسيح - عليه السلام - وهي متعارضة، مجهولة الأصل والتاريخ، بل وقع الخلاف بينهم في مؤلفيها واللغة التي ألفوا بها، كما أن نسخها الأصلية فقدت.

ويقول فضيلة الأستاذ الشيخ محمَّد أبو زهرة - رحمه الله - إن الأناجيل الأربعة، لم يملها المسيح، ولكنها كتبت بعده، وبالتالي فليست هي الوحي الذي أوحي إليه، وهي كما تشتمل على أخبار المسيح من وقت ولادته حتى الوقت الحكم عليه بالموت صلبًا - وصلبه بالفعل على حدّ اعتقادهم - فإنها أيضًا تشتمل على أخبار يوحنا المعمدان حتى قتله).

وأما رسل الرسائل فإن كتابها لم يدعوا لأنفسهم أنهم رسل من الله حتى يمكن القول بأن ما حرروه وحي من الله أو الهام منه. اللهم إلا ما جاء عن بولس، فهو يذكر في رسائله أنَّه يتكلم عن الله وأحيانًا يقول إنه يتكلم عن نفسه، مع أنَّه لا يوجد في كتب المسيحية ما يشهد له بالرسالة أو الإلهام أو الإيمان، سفر أعمال الرسل.

وهذه الأناجيل المعتمدة رسميًا ليست - بدون شك - ذلك الإنجيل الأصلي المنزل على عيسى - عليه السلام -، وهذا باعترافهم، ويعلل الإمام أبو زهرة ذلك فيقول:

ففي هذا كله نجد كلمة إنجيل أو كلمة بشارة (وهي ترجمة كلمة إنجيل اليونانية) مضافة إلى ملكوت الله، كما في إنجيل متى ومرقس، وإنجيل الابن كما في رسالة بولس إلى أهل رومية، وكلمة الإنجيل من غير إضافة كما في إنجيل مرقس ورسالة بولس إلى أهل كورنثوس الأولى، ولا شك أن الإنجيل المذكور في كل هذا ليس واحدًا من هذه الأناجيل لأنها:

لا تضاف إلا إلى أصحابها باتفاق النصارى، لأنَّ المسيح قد وعظ بهذا الإنجيل - كما جاء في عبارة متى التي نقلناها - ولم يكن واحد من هذه الأناجيل قد وجد في عهده بالاتفاق.

ليس من المعقول أن يعظ بأقوال تلاميذه وهم بعد لا يزالون في دور التعليم.

لأنَّ هذا الإنجيل قد ذكر في هذه الأناجيل على أنَّه كان قائمًا في عهد عيسى.

<<  <  ج: ص:  >  >>