للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما السبب الخاص فكان ما يسمى في تاريخهم (ببدعة آريوس) (١).

كان آريوس في مصر داعية قوي الدعاية، جريئًا فيها، واسع الحيلة، بالغ الأرب، قد أخذ على نفسه مقاومة كنيسة الإسكندرية فيما تبثه بين المسيحيين من ألوهية المسيح وتدعوا إليه، فقام هو محاربًا ذلك مقرًا بوحدانية المعبود، منكرا ما جاء في الأناجيل مما يوهم تلك الأوهية، وقد قال في بيان مقالته ابن البطريق: "كان يقول إن الآب وحده الله والابن مخلوق مصنوع، وقد كان الآب إذ لم يكن الابن". (٢)

وقد اتسع الخلاف بين آريوس وبين بطريرك الإسكندرية في وقته، وقد تدخل قسطنطين إمبراطور الرومان في الأمر، فأرسل كتابا إلى آريوس والإسكندر يدعوهما إلى الوفاق، ثمَّ جمع بينهما، ولكنهما لم يتفقا، فجمع مجمع نيقية سنة ٣٢٥ م.

يقول ابن البطريق في وصف المجتمعين: "بعث الملك قسطنطين إلى جميع البلدان، فجمع البطاركة والأساقفة، فاجتمع في مدينة نيقية ثمانية وأربعون وألفان من الأساقفة، وكانوا مختلفين في الآراء والأديان، فمنهم من كان يقول إن المسيح وأمه إلهان من دون الله، وهم البربرانية، ويسمون الريميتين، ومنهم من كان يقول إن المسيح من الآب بمنزلة شعلة من نار انفصلت من شعلة نار، فلم تنقص الأولى بانفصال الثانية منها، وهي مقالة سابليوس وشيعته، ومنهم من كان يقول لم تحبل به مريم تسعة أشهر، وإنما مر في بطنها كما يمر الماء في الميزاب، لأنَّ الكلمة دخلت في أذنها، وخرجت من حيث يخرج الولد من ساعتها، وهي مقالة البيان وأشياعه "إلى آخر الأقوال المختلفة التي ذكرها ابن البطريق. (٣)

قال يعقوب نخلة" كل فئة تلعن الأخرى وتحرمها، وتزيف معتقدها ومذهبها.


(١) انظر تفصيلًا أكثر عن آريوس وحياته وتفصيل عقيدته، كتاب "تأثر المسيحية بالأديان الوضعية"، أحمد علي عجيبة (٢٦٨ - ٢٧٢).
(٢) محاضرات في النصرانية (١٤٠).
(٣) التاريخ المجموع على التحقيق (١/ ١٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>