للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صُورَ نَبُوخَذْرَ اصَّرَ مَلِكَ بَابِلَ مِنَ الشِّمَالِ، مَلِكَ الملُوكِ، بِخَيْل وَبِمَرْكَبَاتٍ وَبِفُرْسَانٍ وَجَمَاعَةٍ وَشَعْبٍ كَثِيرٍ، فَيَقْتُلُ بَنَاتِكِ فِي الحقْلِ بِالسَّيْفِ، وَيَبْنِي عَلَيْكِ مَعَاقِلَ، وَيَبْنِي عَلَيْكِ بُرْجًا، وَيُقِيمُ عَلَيْكِ مِتْرَسَةً، وَيَرْفَعُ عَلَيْكِ تُرْسًا، وَيَجْعَلُ مَجَانِقَ عَلَى أَسْوَارِكِ، وَيَهْدِمُ أَبْرَاجَكِ بِأَدَوَاتِ حَرْبِهِ. وَلِكَثْرَةِ خَيْلِهِ يُغَطِّيكِ غُبَارُهَا. مِنْ صَوْتِ الْفُرْسَانِ وَالْعَجَلَاتِ وَالمرْكَبَاتِ تَتَزَلْزَلُ أَسْوَارُكِ عِنْدَ دُخُولِهِ أَبْوَابَكِ، كَمَا تُدْخَلُ مَدِينَةٌ مَثْغُورَةٌ. بِحَوَافِرِ خَيْلِهِ يَدُوسُ كُلَّ شَوَارِعِكِ. يَقْتُلُ شَعْبَكِ بِالسَّيْفِ فتسْقُطُ إِلَى الأَرْضِ أَنْصابُ عِزِّكِ. وَيَنْهَبُونَ ثَرْوَتَكِ، وَيَغْنَمُونَ تِجَارَتَكِ، وَيَهُدُّونَ أَسْوَارَكِ، وَيَهْدِمُونَ بُيُوتَكِ الْبَهِيجَةَ، وَيَضعُونَ حِجَارَتَكِ وَخَشَبَكِ وَترابَكِ فِي وَسْطِ الميَاهِ. وَأُبَطِّلُ قَوْلَ أَغَانِيكِ، وَصَوْتُ أَعْوَادِكِ لَنْ يُسْمَعَ بَعْدُ. وَأُصَيِّرُكِ كَضِحِّ الصَّخْرِ، فتكُونِينَ مَبْسَطًا لِلشِّبَاكِ. لَا تُبْنَيْنَ بَعْدُ، لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ تَكَلَّمْتُ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ." (حزقيال ٢٦/ ٧ - ١٤). (١)

لكن هذا الوعد لم يتحقق كما أسلفنا، إذ استعصت صور على ملك بابل، ولم يدخلها، ولم يغنم منها غنيمة، فوعد بأرض مصر بدلًا عنها، يقول السفر: أَنَّ كَلَامَ الرَّبِّ كَانَ إِلَيَّ قَائِلًا: "يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّ نَبُوخَذْرَاصَّرَ مَلِكَ بَابِلَ اسْتَخْدَمَ جَيْشَهُ خِدْمَةً شَدِيدَةً عَلَى صُورَ. كُلُّ رَأْسٍ قَرعَ، وَكُلُّ كَتِفٍ تجَرَّدَتْ، وَلَمْ تَكُنْ لَهُ وَلَا لِجَيْشِهِ أُجْرَةٌ مِنْ صُورَ لأَجْلِ خِدْمَتِهِ الَّتِي خَدَمَ بِهَا عَلَيْهَا. لِذلِكَ هكَذَا قَال السَّيِّدُ الرَّبُّ: هأَنَذَا أَبْذُلُ أَرْضَ مِصْرَ لِنبوخَذْرَا صَّرَ مَلِكِ بَابِلَ، فَيَأْخُذُ ثَرْوَتهَا، وَيَغْنَمُ غَنِيمَتَهَا، وَيَنْهَبُ نَهْبَهَا فَتكُونُ أُجْرَةً لِجَيْشِهِ. قَدْ أَعْطَيْتُهُ أَرْضَ مِصْرَ لأَجْلِ شُغْلِهِ الَّذِي خَدَمَ بِهِ، لأَنَّهُمْ عَمِلُوا لأَجْلِي، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. " (حزقيال ٢٩/ ١٧ - ٢٠).

ولم يتحقق ذلك الوعد إذ لم يملك نبوخذ نصر أرض مصر أبدًا، وإن وصلت جيوشه إلى حدود مصر سنة ٦٠٥ ق. م، حين هزمت قواته المصريين في معركة قرقميش، لكن بقيت مصر تحت حكم الأسرة السادسة عشرة من حكام الفراعنة.


(١) المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>