للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٣٧) كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا (٣٨)} (الإسراء: ٣٧ - ٣٨) ..

وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ الله أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَلَا يَبْغِ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ" (١).

٨) في جانب الشهادة والحكم: سبق أن أوضحنا أن من معاني كلمة "وسطًا" التي وردت في الآية الكريمة معنى العدل وهو ما فسره النبي - صلى الله عليه وسلم - كما ورد في صحيح البخاري (٢).

وقد جاءت آيات كثيرة تبيّن وجوب العدل في الشهادة، وكذلك في الحكم - أيضًا - والشهادة هي إحدى مقدّمات الحكم في كثير من الأحكام .... ، وإذا كان العدل يعني الوسط، كما تقرّر، فإن أمر الله بالعدل في الشهادة والحكم هو أمر وإقرار لمنهج الوسطيَّة، ويتّضح ذلك - من الآتي:

١) قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (١٣٥)} (النساء: ١٣٥). ومعنى الآية الكريمة: يا أيها الذين آمنوا ليكن من أخلاقكم وصفاتكم القيام بالقسط، يعني العدل وشهداء الله جمع شهيد ونصبت الشهداء على القطع مما في قوله: {قَوَّامِينَ} من ذكر الذين آمنوا. معناه: قوموا بالقسط لله عند شهادتكم، أو حين شهادتكم {وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} (النساء: ١٣٥). أي ولو كانت شهادتكم على أنفسكم، أو على والديكم أو أقربيكم، فقوموا فيها بالقسط والعدل، وأقيموا على صحتها بأن تقولوا فيها الحق، ولا تميلوا فيها لغني لغناه على فقير، ولا لفقير لفقره على غني فتجوروا.

٢) قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} (المائدة: ٨). يعني جلّ ثناؤه: يا أيها


(١) مسلم (٢٨٦٥).
(٢) انظر: تفسير الوسطية في أول الفصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>