للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالنُّجُومَ. وَجَعَلَهَا اللهُ فِي جَلَدِ السَّمَاءِ لِتُنِيرَ عَلَى الأَرْضِ، وَلتَحْكُمَ عَلَى النَّهَارِ وَاللَّيْلِ، وَلتَفْصِلَ بَيْنَ النُّورِ وَالظُّلْمَةِ. وَرَأَى اللهُ ذلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ. وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا رَابِعًا.

التعليق: إن الوصف الذي يقدمه كاتب التوراة في هذه الفقرة يمكن أن يكون مقبولًا، وأهم نقد يمكن توجيهه إليه هو مكان وتوقيت ظهور الشمس بالنسبة لنظام خلق العالم ككل. وكما نعرف علميًّا انفصلت الأرض وانفصل القمر من الكوكب الأصلي لهما وهو الشمس وترتيب وتوقيت خلق الشمس والقمر بعد خلق الأرض إنما هو مخالف ومناقض بكل شدة وبكل حسم للرأي المستقر علميًّا بشأن تكوين نظام المجموعة الشمسية. إذن فخلق الأرض ليس سابقًا على خلق الشمس والقمر حتى تكون مياه ونبات ونور! ! . فهذا مرفوض علميًّا. (١)

لقد اعتبر العلماء هذا من الخرافات، ولك أن تتخيل أيها القارئ الكريم، أنه حتى نهاية القرن الميلادي السابع عشر، كان العلماء يعتقدون أن الشمس ليست مصدر الضوء، بل هي "تمرره" عبرها وحسب، أما الضوء، فهو موجود بذاته. وحتى رينيه ديكاريت نفسه كان من أنصار هذا الضلال. واستمرت الحال هكذا حتى جاء الفلكي الدانماركي أولاف ريمر (١٦٤٤ - ١٧١٠)، الذين يدين تعاليم التوارة مناقضة تامة، وهي أن الضوء الساقط فوق عالمنا مصدره الشمس، وهو لا ينتشر دفعة واحدة. . ثم حدد هذا العالم سرعة الضوء -وهو ما ثبتت صحته غير مرة- مبينًا أنه يصل من الشمس إلى الأرض في ثمان دقائق وثمان عشرة ثانية، أي أن سرعته حوالي ثلاث مائة ألف كيلو متر في الثانية. وقد توصل ريمر إلى اكتشافه هذا عن طريق مراقبه هبوط الظلام فوق الأقمار التابعة لكوكب المشتري. كان ريمر يقيم عندئذ في فرنسا، فكتب بحثًا عن اكتشافاته وقدمه في أكاديمية باريس، في الثاني والعشرين من تشرين الثاني عام ١٦٧٥.


(١) التوراة والأناجيل والقرآن الكريم بمقياس العلم الحديث (٥٨)، دراسة في التوراة والإنجيل (١٧٩)، هل العهد القديم كلمة الله (١٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>