للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَوَاللهِ لَا يَمَلُّ اللهُ حَتَّى تَمَلُّوا" (١). ويمكن أن نشير إلى بعض هذه المظاهر في العبادات الآتية:

أ) في الطهارة: يظهر مبدأ اليسر في الطهارة واضحًا لأنها المدخل إلى العبادات، واليسر فيها أمر ضروري، لأن المسلم يتوضأ في اليوم والليلة خمس مرات، ويغتسل من الجنابة كذلك، ويتعرض لبعض النجاسات هنا وهناك، فإن الشدة في الطهارة توقعه في الضيق والحرج ويجعل نفسه تمل من العبادة نفسها فضلًا عن الطهارة.

ومن الأمثلة الواضحة على هذا التيسير قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سئل عن ماء البحر قال: "هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ" (٢). ويتبين هذا اليسر أيضًا من قصة الأعرابي الذي بال في المسجد فقام الناس ليقعوا به، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "دَعُوهُ وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْلهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ" (٣).

ومن اليسر في الطهارة أيضًا أنه إذا تعلقت القذارة بالنعلين فإن مسحهما بالأرض يطهرهما لقوله عليه الصلاة والسلام: "إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى المسْجِدِ فَلْيَنْظُرْ فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلَيْهِ قَذَرًا أَوْ أَذًى فَلْيَمْسَحْهُ وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا" (٤).

ومن يسر هذا الدين أيضًا في الطهارة أن النجاسة الواقعة على الثوب تزال بالماء وهذا فيه يسر كبير إذا قورن بما كانت عليه بنو إسرائيل من قبل حيث كانوا يكلفون بقص ما أصيب بالنجاسة من الثوب.

ب) التيمم: ومن اليسر في هذا الدين أن المسلم إذا لم يجد الماء ليتوضأ به أو كان به مرض أو جرح لا يستطيع أن يتوضأ بالماء، فله أن يتيمم بالتراب، فضلًا من الله تعالى وتسهيلًا عليه، لقوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ


(١) البخاري (٤٣).
(٢) رواه مالك في الموطأ (٤١)، وأبو داود (٨٤)، والترمذي (٦٩)، وقال: حسن صحيح، وصححه الألباني في إرواء الغليل (٩).
(٣) البخاري (٢٢٠).
(٤) رواه أبو داود (١/ ٤٥٣/ ٦٥٠)، وصححه الألباني في الإرواء (٢٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>