للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَعَلَهُ دَكًّا} (الأعراف: ١٤٣)، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: - هكذا وصفه حماد -، ووضع طرف إبهامه على طرف خنصره من المفصل". قال: "فساخ الجبل".

فالوصف كان من حماد بن سلمة لفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يكن إخبارًا عن صفات الله عز وجل، ولو فرض أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر عن الله تعالى بهذه الصفة؛ فنحن نقول فيها مثلما قلنا في باقي الصفات الأخرى من غير تأويل ولا تعطيل ولا تشبيه ولا تكييف ولا تمثيل.

أما صفة الأنامل فقد وردت في حديث الرؤيا عن مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ قَال: احْتبَسَ عَلَيْنَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ غَدَاةٍ عَنْ صَلاةِ الصُّبْحِ، حَتَّى كِدْنَا نَتَرَاءَى قَرْنَ الشَّمْسِ، فَخَرَجَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - سَرِيعًا، فَثُوِّبَ بِالصَّلاةِ وَصَلَّى وَتَجَوَّزَ فِي صَلاتِهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَال: كَمَا أَنْتُمْ عَلَى مَصَافِّكُمْ، ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَيْنَا فَقَال: إِنِّي سَأُحَدِّثُكُمْ مَا حَبَسَنِي عَنْكُمْ الْغَدَاةَ! إِنِّي قُمْتُ مِنْ اللَّيْلِ فَصَلَّيْتُ مَا قُدِّرَ لِي، فَنَعَسْتُ فِي صَلاتِي حَتَّى اسْتَيْقَظْتُ، فَإِذَا أَنَا بِرَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ فَقَال: يَا مُحَمَّدُ! أَتَدْرِي فِيمَ يَخْتَصِمُ الْملأُ الأَعْلَى؟ قُلْتُ: لا أَدْرِي يَا رَبِّ، قَال: يَا مُحَمَّدُ فِيمَ يَخْتَصِمُ الْملأُ الأَعْلَى؟ قُلْتُ: لا أَدْرِي رَبِّ. فَرَأَيْتُهُ وَضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ كتِفَيَّ حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ أَنَامِلِهِ بَيْنَ صَدْرِي، فَتَجَلَّى لِي كُلُّ شَيْءٍ، وَعَرَفْتُ. فَقَال: يَا مُحَمَّدُ فِيمَ يَخْتَصمُ الْملأُ الأَعْلَى؟ قُلْتُ: فِي الْكَفَّارَاتِ. قَال: وَمَا الْكَفَّارَاتُ؟ قُلْتُ: نَقْلُ الأَقْدَامِ إِلَى الْجُمُعَاتِ، وَجُلُوسٌ فِي الْمَسَاجِدِ بَعْدَ الصَّلاةِ، وَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عِنْدَ الْكَرِيهَاتِ. قَال: وَمَا الدَّرَجَاتُ؟ قُلْتُ: إِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَلِينُ الْكَلامِ، وَالصَّلاةُ وَالنَّاسُ نِيَامٌ. قَال: سَلْ، قُلْتُ: اللهمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ، وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي وَتَرْحَمَنِي، وَإِذَا أَرَدْتَ فِتْنَةً فِي قَوْمٍ فَتَوَفَّنِي غَيْرَ مَفْتُونٍ، وَأَسْأَلُكَ حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُنِي إِلَى حُبِّكَ، وَقَال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: إِنَّهَا حَقٌّ فَادْرُسُوهَا وَتَعَلَّمُوهَا. (١)

كل ذلك حق نؤمن به؛ ولكن ليس على طريق أهل التشبيه الذين يمثلون الخالق


(١) صحيح. مسند الإمام أحمد (٢٢١٦٢)، وصححه الألباني في الصحيحة (٣١٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>