للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا شيخ الإسلام يحتج بحديث الدجال على إثبات صفة العين لله تعالى، وردا على النصارى فقال: ولهذا لما أنذر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمسيح الدجال وقال: "ما من نبي إلا وقد أنذر أمته المسيح الدجال حتى نوح أنذر قومه به".

وذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - له ثلاث دلائل ظاهرة تظهر لكل مسلم تبين كذبه:

أحدها: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مكتوب بين عينيه كافر (ك ف ر) يقرأه كل مؤمن قارئ وغير قارئ".

الثاني: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "واعلموا أن أحدًا منكم لن يرى ربه حتى يموت" فبين أن الله لا يراه أحد في الدنيا بعينيه، وكل بشر فإنه يرى في الدنيا بالعين، فعلم أن الله لا يتحد ببشر.

الثالث: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أنه أعور وأن ربكم ليس بأعور" ودلائل نفي الربوبية عنه كثيرة؛ لكن لما كان حلول اللاهوت في البشر، واتخاذه به مذهبا ضل به طوائف كثيرون من بني آدم، النصارى وغيرهم، وكان المسيح الدجال يأتي بخوارق عظيمة، والنصارى احتجوا على إلهية المسيح بمثل ذلك.

ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - من علامات كذبه أمورا ظاهرة لا يحتاج فيها إلى بيان موارد النزاع التي ضل فيها خلق كثير من الآدميين، فإن كثيرًا من الناس؛ بل أكثرهم تدهشهم الخوارق حتى يصدقوا صاحبها قبل النظر في إمكان دعواه، وإذا صدقوه صدقوا النصارى في دعوى إلهية المسيح، وصدقوا أيضًا من ادعى الحلول والاتحاد في بعض المشايخ، أو بعض أهل البيت، أو غيرهم من أهل الإفك والفجور.

وبهذا يظهر الجواب عما يورده بعض أهل الكلام كالرازي على هذا الحديث حيث قالوا: دلائل كون الدجال ليس هو الله ظاهرة، فكيف يحتج النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك بقوله: "إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور"؟ وهذا السؤال يدل على جهل قائله بما يقع فيه بنو آدم من الضلال، وبالأدلة البينة التي تبين فساد الأقوال الباطلة، وإلا فإذا كان بنو إسرائيل في عهد موسى ظنوا أن العجل هو إله موسى فقالوا: {هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى} [طه: ٨٨]، وظنوا أن موسى نسيه، والنصارى مع كثرتهم يقولون: إن المسيح هو الله، وفي المنتسبين إلى القبلة خلق كثير

<<  <  ج: ص:  >  >>