ففي الآية والحديث ربط الإيمان بالحب، وليس ربط الحب بالمعرفة.
وأما الكلام عن الموضع الثاني فهو أشد من الأول:
فهم يقولون:(ونحن قد عرفنا وصدقنا المحبة التي لله فينا، الله محبة، ومن يثبت في المحبة يثبت في الله، والله فيه) فقولهم (ومن يثبت في المحبة يثبت في الله، والله فيه) هذا دلالة على حلول الله في العبد، وهي عقيدة خبيثة درج عليها النصارى. وتدل على أن الله قد يوجد في جميع البشر ليس الأمر خاصًّا بحلول اللاهوت في الناسوت كما صوروا ذلك مع المسيح عليه السلام؛ بل صار الأمر أعم من ذلك؛ فكل من يحب يحل الله فيه، فكل المحبين آلهة؛ وليس المسيح فقط.
كما أنهم يدعون أن المسيح هو ابن الله ثم يعودون ويقولون (طوبى لصانعي السلام. فإنهم أبناء الله يدعون) وكل هذا تناقض في العبارات دلالة على تحريفهم لكتابهم كما هو مبين في موضعه.
وفي موضع آخر من سفر يوحنا (انظروا أية محبة أعطانا الأب حتى ندعى أولاد الله من أجل هذا لا يعرفنا العالم لأنه لا يعرفه)(١ يو ٣: ١)
٢ - محبة الناس مخالفة لمحبة الله.
فها هم يدعون إلى ترك محبة الناس
فقد جاء في يوحنا ١:(لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم إن أحب أحد العالم فليست فيه محبة الأب)(١ يو ٢: ١٥). وهي دعوة صريحة للكراهية وحب النفس.
٣ - محبة المال أصل لكل شر.
والمال هو عصب الحياة، وحبه أمر فطري غريزي لا ينكره أحد من البشر. ولكنهم هنا يناقضون الفطرة والغريزة في ذلك فقد جاء في رسالة بولس الأولى:(إن محبة المال أصل لكل الشرور الذي إذ ابتغاه قوم ضلوا عن الإيمان وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة)(١ تي ٦: ١٠).
وأما في الإسلام فقد قال الله تعالى: {الْمَال وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (٤٦)} [الكهف: ٤٦].