للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأحاديث التي تروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إن الله ينزل إلى السماء الدنيا، فقال أبو عبد الله: نؤمن بها ونصدق بها، ولا نرد شيئًا منها إذا كانت أسانيد صحاح، ولا نرد على رسول الله قوله، ونعلم أن ما جاء به الرسول حق، حتى قلت لأبي عبد الله ينزل الله إلى سماء الدنيا، قال: قلت: نزوله بعلمه بماذا؟ فقال لي: اسكت عن هذا، ما لك ولهذا؟ امض الحديث على ما روي بلا كيف، ولاحد، وإنما جاءت به الآثار وبما جاء به الكتاب، قال الله -عَزَّ وَجَلَّ- {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَال}، ينزل كيف يشاء بعلمه، وقدرته، وعظمته، أحاط بكل شيء علما، لا يبلغ قدره واصف، ولا ينأى عنه هرب هارب (١).

قال أبو سعيد - الدارمي -: فهذه الأحاديث (أحاديث النزول) قد جاءت كلها، وأكثر منها في نزول الرب تبارك وتعالى في هذه المواطن، وعلى تصديقها والإيمان بها أدركنا أهل الفقه والبصر من مشايخنا لا ينكرها منهم أحد ولا يمتنع من روايتها. (٢)

قال ابن خزيمة: باب أخبار ثابتة السند صحيحة القوام، رواها علماء الحجاز والعراق عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في نزول الرب جل وعلا إلى السماء الدنيا كل ليلة، نشهد شهادة مقر بلسانه، مصدق بقلبه مستيقن بما في هذه الأخبار من ذكر نزول الرب، من غير أن نصف الكيفية؛ لأن نبينا المصطفى لم يصف لنا كيفيه نزول خالقنا إلى سماء الدنيا، وأعلمنا أنه ينزل. والله جل وعلا لم يترك ولا نبيه بيان ما بالمسلمين الحاجة إليه من أمر دينهم.

فنحن قائلون مصدقون بما في هذه الأخبار من ذكر النزول غير متكلفين القول بصفته أو بصفة الكيفية؛ إذ النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصف لنا كيفية النزول.

وفي هذه الأخبار ما بأن وثبت وصح أن الله جل وعلا فوق سماء الدنيا الذي أخبرنا نبينا أنه ينزل إليه؛ إذ محال في لغة العرب أن يقول: نزل من أسفل إلى أعلى، ومفهوم في


(١) اعتقاد أهل السنة للالكائي ١/ ٢٨٥.
(٢) الرد على الجهمية ١/ ٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>