للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقوال العلماء في (الرُّوح) المضافة إلى الله تعالى:

قال ابن تيمية فليس في مجرد الإضافة ما يستلزم أن يكون المضاف إلى الله صفة له؛ بل قد يضاف إليه من الأعيان المخلوقة وصفاتها القائمة بها ما ليس بصفة له باتفاق الخلق، كقوله تعالى: (بيت الله)، و (ناقة الله)، و (عباد الله)، بل وكذلك (روح الله) عند سلف المسلمين وأئمتهم وجمهورهم، ولكن؛ إذا أضيف إليه ما هو صفة له وليس بصفة لغيره، مثل كلام الله، وعلم الله، ويد الله ... ونحو ذلك، كان صفة له". (١)

وقال أيضًا: "وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الريح من روح الله"؛ أي: من الروح التي خلقها الله، فإضافة الروح إلى الله إضافة ملك، لا إضافة وصف، إذ كل ما يضاف إلى الله إن كان عينًا قائمة بنفسها فهو ملك له، وإن كان صفة قائمة بغيرها ليس لها محل تقوم به، فهو صفة لله، فالأول كقوله {نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا}، وقوله: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا}، وهو جبريل، {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (١٧) قَالتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (١٨) قَال إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (١٩) وقال: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا}، وقال عن آدم: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ}.

- حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في استفتاح الجَنَّة، وفيه: "فيأتون آدم ... ثم موسى عليهما السلام، فيقول: اذهبوا إلى عيسى كلمة الله وروحه ... ". (٢)

وقال ابن القيم: فصل: هل الروح قديمة أم محدثة مخلوقة؟ وإذا كانت محدثة مخلوقة، وهي من أمر الله؛ فكيف يكون أمر الله محدثًا مخلوقًا؟ وقد أخبر سبحانه أنه نفخ في آدم من روحه، فهذه الإضافة إليه هل تدل على أنَّها قديمة أم لا؟ وما حقيقة هذه الإضافة، فقد أخبر عن آدم أنه خلقه بيده، ونفخ فيه من روحه، فأضاف اليد والروح إليه إضافة واحدة؟ .


(١) الجواب الصحيح ٣/ ١٤٥.
(٢) رواه مسلم (١٩٠)، مجموع الفتاوى ٩/ ٢٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>