للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الطبري: يقول تعالى ذكره: لو أردنا أن نتخذ زوجة وولدًا لاتخذنا ذلك من عندنا، ولكنا لا نفعل ذلك، ولا يصلح لنا فعله ولا ينبغي؛ لأنه لا ينبغي أن يكون لله ولد ولا صاحبة.

وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل. (١)

وقال ابن كثير: يخبر تعالى أنه خلق السماوات والأرض بالحق، أي: بالعدل والقسط، {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (٣١)} [النجم: ٣١]، وأنه لم يخلق ذلك عبثًا ولا لعبًا، كما قال: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (٢٧)} [ص: ٢٧].

وقوله تعالى: {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ (١٧)} قال ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد: {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا} يعني: من عندنا، يقول: وما خلقنا جنة ولا نارًا، ولا موتًا، ولا بعثًا، ولا حسابًا.

وقال الحسن، وقتادة، وغيرهما: (لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا) اللهو: المرأة بلسان أهل اليمن.

وقال إبراهيم النَّخعِي: {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ} من الحور العين.

وقال عَكرمة والسدي: المراد باللهو هاهنا: الولد.

وهذا والذي قبله متلازمان، وهو كقوله تعالى: {لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ} [الزمر: ٤]، فنزه نفسه عن اتخاذ الولد مطلقًا، لا سيما عما يقولون من الإفك والباطل، من اتخاذ عيسى، أو العزير، أو الملائكة {سُبْحَانَهُ وَتَعَالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا (٤٣)} [الإسراء: ٤٣].

وقوله: {إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ} قال قتادة، والسدي، وإبراهيم النخعي، ومغيرة بن مِقْسَم، أي: ما كنا فاعلين.


(١) تفسير الطبري (١٦/ ٢٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>