للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال تعالى: {جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ (٥٠)} [ص: ٥٠].

قال ابن القيم: وتأمل قوله سبحانه {جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ (٥٠) مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ (٥١)} [ص: ٥٠ - ٥١] كيف تجد تحته معنى بديعا، وهو أنهم إذا دخلوا الجنة لم تغلق أبوابها عليهم؛ بل تبقى مفتحة كما هي، وأما النار فإذا دخلها أهلها أغلقت عليهم أبوابها كما قال تعالى إنها عليهم مؤصدة أي مطبقة. (١)

قال مقاتل: يعني أبوابها عليهم مطبقة فلا يفتح لها باب ولا يخرج منها غم ولا يدخل فيها روح آخر الأبد.

وأيضًا فإن في تفتيح الأبواب لهم إشارة إلى تصرفهم وذهابهم وإيابهم وتبوئهم في الجنة حيث شاؤوا ودخول الملائكة عليهم كل وقت بالتحف والألطاف من ربهم ودخول ما يسرهم عليهم كل وقت.

وأيضًا إشارة إلى أنها دار أمن لا يحتاجون فيها إلى غلق الأبواب كما كانوا يحتاجون إلى ذلك في الدنيا. (٢)

وللجنة ثمانية أبواب، فعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ -رضي الله عنه- عَنِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَال: "في الجنةِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ، فِيهَا بَابٌ يُسَمَّى الرَّيَّانَ لَا يَدْخُلُهُ إِلَّا الصَّائِمُونَ". (٣)

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قَال: "مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ في سَبِيلِ الله نُودِىَ مِنْ أَبْوَابِ الجْنَّةِ يَا عَبْدَ الله، هَذَا خَيْرٌ. فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِىَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الجهَادِ دُعِىَ مِنْ بَابِ الجهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِىَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِىَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ". فَقَال أَبو بَكْرٍ -رضي الله عنه- بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى يَا


(١) حادي الأرواح صـ ٥٢.
(٢) المصدر السابق.
(٣) البخاري (٣٢٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>