للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرسالة، فلم يُجدِ ذلك كله شيئًا، ولا دفع عنهما محذورًا، ولهذا قال تعالى {فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} أي: لكُفرهما، وقيل للمرأتين {وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ}. (١)

٤ - وأما المرأة التي ماتت بعد زواجها فهي -في الجنة- لزوجها الذي ماتت عنه.

فإذا كان الزوجان من أهل الجنّة فإنّ الله تعالى يجمعُ بينهما فيها؛ بل يزيدهُم من فضلِه فيُلحِقُ بهم أبناءهم، ويرفع دَرجات الأدنى منهم فيُلحقه بمن فاقه في الدرجة، بدلالة إخباره تعالى عن حملة العرش من الملائكة أنّهم يقولون في دُعائهم للمؤمنين: {رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٨)} [غافر: ٨] وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الطور: ٢١].

٥ - وأما المرأة التي مات عنها زوجها فبقيت بعده لم تتزوج حتى ماتت فهي زوجة له في الجنة.

٦ - أما إن كان للمرأة في الدنيا أكثر من زوجٍ، فإنّ من فارقَها بطلاق حُلّ زواجه بطلاقه، فتعيّن افتراقهما في الآخرة كما افترقا في الدنيا.

وأمّا إن مات عنها وهي في عصمته، ثم تزوّجت غيره بعده، فلأهل العلم ثلاثة أقوال في من تكون معه في الجنّة:

القول الأول: أنّها مع من كان أحسنَهُم خُلقًا وعشرةً معها في الدنيا.

القول الثاني: أنها تُخيَّر فتختار من بينهم من تشاء، ولا أعرف دليلًا لمن قال به.

وهذان القولان ذكرهما الإمام القرطبي في كتابه الشهير (التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة) واختار الثاني منهما الشيخ ابن العثيمين -رحمه الله- وبعض المعاصرين.

والقول الثالث: أنها تكون في الجنّة مع آخر زوجٍ لها في الدنيا، أي مع من ماتت وهي في عصمته، أو مات عنها ولم تنكح بعده، ويدلّ على هذا القول حديث أبي الدرداء - رضي الله عنه - أنّ رسول


(١) تفسير ابن كثير (٤/ ٣٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>