ملتزمون بتعاليم الدين الحنيف التي تدعوهم إلى التسامح والاعتدال، ولكن كما في أي مجتمع، أو في أى تجمع، أو في أي دين، هناك من هم خارجون عن الإجماع، وهناك من هم استثناء من القاعدة العامة.
ولماذا نذهب بعيدًا، أليس من بين المسيحيين من هم أكثر تطرفًا وعنفًا من المسلمين والذين يسمونهم بالمتعصبين أو المتطرفين؟ لقد رأينا مثل هؤلاء المسيحيين في البوسنة والهرسك يقتلون الرجال، والنساء، والأطفال، ويغتصبون ويعذبون إخوانهم في الوطن لمجرد أنهم مسلمون، ولوعدنا إلى وقائع التاريخ في العصر الوسيط لرأينا محاكم التفتيش الأسبانية التي ظلت تمارس عملها لمدة ثلاثمائة عام في تعذيب المسلمين، وملاحقتهم، وطردهم من الأندلس؛ بل وصل الحال بها إلى أنها كانت تحقق حتى مع من ارتدوا منهم إلى المسيحية للتأكد من أن ردتهم قد جاءت عن اقتناع، وليس من أجل الهروب من الملاحقة، والاضطهاد، والتعذيب، والإحراق.
وفي أيرلندا كيف كان عدم التسامح قائمًا حتى بين المسيحيين من طائفتي البروتستانت والكاثوليك؟ وكيف أدى عدم التسامح هذا إلى حرب ضروس بين الطائفتين ظلت مشتعلة لفترة طويلة من الزمن، كما رأينا كيف أدى تعصب الميليشيات المسيحية المسلحة في لبنان إلى اندلاع نيران الحرب الطائفية هناك، والتي أتت على الأخضر واليابس في هذا البلد الجميل الذي كان درة البلدان.
أمّا اليهود وأما الصهيونية فحدث ولا حرج عن جرائمهم البشعة.
إننا نرى التطرف وعدم التسامح في إسرائيل من بنيامين نتنياهو إلى شارون وجميع قادتهم من جهة، وقادة الأحزاب الدينية المسرفة في التطرف وفي الإرهاب، والذين نسوا ما تعرضوا له من اضطهاد في أوروبا، ويقومون اليوم بممارسة ظلم أنكى، واضطهاد أشد ضد العرب من مسلمين ومسيحيين، وإجبار هؤلاء العرب على العيش في أحياء منعزلة فقيرة ومعدمة كالتي فرضها عليهم هتلر في ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية.