للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوقعوا في "الإسقاط" كما يقول علم النفس، والإسقاط من وسائل الدفاع الأولية ألا وهو اتهام الآخرين بما فينا، كالكاذب يتهم الناس بالكذب ليظهر نفسه صادقًا.

فمن يستقريء التاريخ في كيفية انتشار الأديان يجد ما يلي:

١ - فرض "امنحتب" -فرعون مصر- على شعبه عبادة إله الشمس "آتون". وأغلق معابد الآلهة الأخرى، وحطم تماثيلها، ومحا صورها، وطمس أسماءها، وكل مخالف تعرض للاضطهاد والعذاب (١).

٢ - كانت البوذية: لا شأن لها قبل "آزوكا" الذي اعتنقها واهتم بنشرها خارج مملكته حتى وصل سيلان وبورما، فآزوكا تبناها وأخذ بنشرها حتى شملت جنوب شرق آسيا (٢).

٣ - وكذلك المزدكية: لم يكن لها اعتبار قبل "قباذ" فهذا الملك الفارسي تبنى هذه العقيدة وحاول فرضها جبرًا على شعبه كله، وحتى المناذرة العرب التابعين له في العراق (٣). وبزوال سلطان قباذ ضعف شأن المزدكية.

٤ - وأما الزرادشتية: فلم تنشر قبل دارا كسرى الفرس، الذي نشرها حربًا بعد قرن من وفاة زرادشت، حتى وصل بها أثينا عاصمة اليونانيين القدماء.

٥ - الكونفوشيوسية: ما انتشرت تعاليمها إلا لاستخدام صاحبها لمركزه رئيسًا للوزراء في مقاطعة "لو" الصينية.

٦ - وأخيرًا المسيحية: فإنها لم تكن لتنتشر لولا سلطة قسطنطين الذي أراد أن يكون سيدها فاستغل الخلافات الداخلية للكنيسة، وأصدر مرسوم ميلانو عام ٣١٣ م، الذي اعترف بموجبه بالمسيحية، وأهال عليها أعطياته.


(١) راجع تاريخ الشرق الأدنى القديم لعبد العزيز عثمان، القسم المختص بتاريخ مصر القديم.
(٢) راجع تاريخ الحضارة لجورج حداد.
(٣) تاريخ الأمم الإسلامية للخضري، الجزء الأول، وراجع الشهرستاني في الملل والنحل ٢/ ٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>