للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليك ولو استعمل عليكم عبد حبشيًّا يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا". (١) وهذه الأحاديث في الحث على السمع والطاعة في جميع الأحوال وسببها اجتماع كلمة المسلمين فإن الخلاف سبب لفساد أحوالهم في دينهم ودنياهم، لذا أجمع العلماء على وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وعلى تحريمها في المعصية لقوله - صلى الله عليه وسلم - "عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثره عليك" معناه تجب طاعة ولاة الأمور فيما يشق وتكرهه النفوس وغيره مما ليس بمعصية فإن كانت لمعصية فلا سمع ولا طاعة، وقوله - صلى الله عليه وسلم - "وأثره عليكم" الأثرة بفتح الهمزة والثاء ويقال: بضم الهمزة وإسكان الثاء وبكسر الهمزة وإسكان الثاء ثلاث لغات وهي الاستئثار والاختصاص بأمور الدنيا عليكم أي اسمعوا وأطيعوا وإن اختص الأمراء بالدنيا ولم يوصلكم حقكم مما عندهم، قال أبو ذر (إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبدًا مجدع الأطراف) (٢) يعني مقطوعها والمراد: أخس العبيد أي أسمع وأطيع للأمير وإن كان دنيء النسب حتى لو كان عبدًا أسود مقطوع الأطراف فطاعته واجبه.

وتجوز إمارة العبد إذا ولاه بعض الأئمة أو إذا تغلب على البلاد بشوكته وأتباعه ولا يجوز ابتداء عقد الولاية له مع الاختيار بل شرطها الحرية. (٣)

وقال - صلى الله عليه وسلم - "أنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها، قالوا: يا رسول الله، كيف تأمر من أدرك ذلك منا؟ قال: تؤدون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم". (٤)

وعن سعيد بن حضير أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، استعملت فلانًا ولم تستعملني، قال: "إنكم سترون بعدي أثره فاصبروا حتى تلقوني على الحوض". (٥)


(١) أخرجه مسلم (١٨٣٨)، وأبو داود (١٨٣٤).
(٢) مسلم (١٨٣٧)، وابن ماجه (٢٨٦٣).
(٣) شرح مسلم للنووي (٦/ ٤٦٥ - ٤٦٩).
(٤) البخاري (٣٦٠٣)، ومسلم (١٨٤٣).
(٥) البخاري (٣١٦٣)، ومسلم (١٠٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>