كونه حسنًا. كونه أفضل البشر. كون النعمة منسكبة على شفتيه. كونه مباركًا إلى الدهر. كونه متقلدًا بالسيف. كونه قويًا. كونه ذا حق ودعة وصدق. كون هداية يمينه بالعجب. كون نبله مسنونة. سقوط الشعب تحته. كونه محبًا للبر ومبغضًا للإثم. خدمة بنات الملوك إياه. إتيان الهدايا إليه. انقياد كل أغنياء الشعب له. كون أبنائه رؤساء الأرض بدل آبائهم.
وهذه الأوصاف كلها توجد في محمد - صلى الله عليه وسلم - على أكمل وجه. (١)
وقفة مع هذا الكلام.
في المقطع الأول:
أ) لا تنطبق الأوصاف التي ذكرها داود إلّا على رسول الإسلام - صلى الله عليه وسلم - فهو الذي قاتل بسيفه في سبيل الله، وسقطت أمامه شعوب عظيمة كالفرس والروم. وهو الممسوح بالبركة أكثر من رفقائه الأنبياء؛ لأنه خاتم النبيين، ورسالته عامة خالدة، قال تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (١٠٧)} [الأنبياء: ١٠٧].
ولم يترك رسول هدىً وبيانًا مثلما ترك رسول الإسلام في القرآن الحكيم، وفى أحاديثه وتوجيهاته، التي بلغت مئات الآلاف، وتعددت المصادر التي سجلتها، وفيها من روائع البيان، وصفاء الألفاظ، وشرف المعاني ما ليس في غيرها.
أما المقطع الثاني (ب):
فهو أوصاف للكعبة الشريفة. فهي التي تترضاها الأمم بالهدايا. وهي ذات الملابس المنسوجة بالذهب والمطرزة، وهي التي يذكر اسمها في كل دور، وتأتيها قوافل "الحجيج "رجالًا ونساءً من كل مكان فيدخل الجميع في "قصر الملك" ويحمدها الناس إلى الأبد؛ لأن الرسالة المرتبطة بها رسالة عامة: لكل شعوب الأرض الإنس والجن؛ بل والملائكة. وفى مواسم الحج يأتيها القاصدون من جميع بقاع الأرض مسلمين ورعايا مسلمين من
(١) انظر: كيف تنطبق على النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - من خلال سيرته وأوصافه، إظهار الحق (٤/ ١١٤٥).