للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تكلم أهل العلم على هذا الحديث، وإليك بعض من تكلم فيه:

قال ابن قتيبة: بعد ما ذكر حديث الداجن: وقد رجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورجم الناس بعده وأخذ بذلك الفقهاء. وأما رضاع الكبير عشرًا، فنراه غلطًا من محمد بن إسحاق، ولا نأمن أيضًا أن يكون الرجم الذي ذكر أنه في هذه الصحيفة كان باطلًا؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد رجم ماعز بن مالك، وغيره قبل هذا الوقت، فكيف ينزل عليه مرة أخرى، ولأن مالك بن أنس


ومدار الحديث على محمد بن إسحاق، فمرة يرويه عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، ومرة يرويه عن عبد الرحمن بن القاسم، وقد خولف ممن هو أثبت منه.
خالفه مالك بن أنس كما أخرجه مالك في الموطأ (١٢٧٠ - كتاب الرضاع، باب جامع ما جاء في الرضاعة) عن ابن أبي بكر عن عمرة عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها قالت: "كان فيما أنزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس رضعات معلومات، فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مما يقرأ من القرآن".
وأخرجه الطحاوي في مشكل الآثار (٣/ ٧) وابن ماجه (١٩٤٢) من حديث عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عمرة به.
وأخرجه مسلم (١٤٥٢)، وعبد الرزاق (١٣٩١٣)، والدارقطني (٤٣٣٨)، والشافعي في المسند (٣٠٧)، والبيهقي (٧/ ٤٥٤) من حديث يحيى بن سعيد الأنصاري عن عمرة عن عائشة ولفظه أنها كانت تقول: "نزل القرآن بعشر رضعات معلومات يحرمن، ثم صرن إلى خمس يحرمن، فكان لا يدخل على عائشة إلا من استكمل خمس رضعات "ولفظ حديث القاسم" كان فيما أنزل من القرآن، ثم سقط لا يحرم إلا عشر رضعات أو خمس معلومات "وليس فيه ذكرٌ للداجن ولا هذه الصحيفة، وأيضًا فإن حماد بن سلمة خالفه فرواه عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عمرة عن عائشة أنها قالت: "كان فيما أنزل الله من القرآن ثم سقط لا يحرم إلا عشر رضعات أو خمس معلومات".
أخرجه ابن ماجه (١٩٤٢) والطحاوي في مشكل الآثار (٣/ ٧).
ومحمد بن إسحاق دون مالك وحمادٍ بكثير، خاصة وقد تكلم فيه أهل العلم بكلام كثير، وانظره إن شئت في تهذيب الكمال (٢٤/ ٤٠٥: ٤٢٨) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٧/ ١٩١: ١٩٤).
قال الذهبي: وأما في أحاديث الأحكام فينحط حديثه فيها عن رتبة الصحة إلى رتبة الحسن إلا فيما شذ فيه فإنه يعد منكرًا. سير أعلام النبلاء (٧/ ٤١).
وقال أيضًا: فالذي يظهر لي أن ابن إسحاق: حسن الحديث، صالح الحال، صدوق، وما انفرد به ففيه نكارة؛ فإنَّ في حفظه شيئًا. ميزان الاعتدال (٣/ ٤٧٥).
فدلت المخالفة على شذوذ ابن إسحاق في الرواية، ولم يذكر الداجن سواه، وهو من قد علمت في سوء حفظه، وقد انفرد بهذا اللفظ ولم يأت به أحد سواه، فالزيادة شاذة لا تعتمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>