من منطوق النص القرآني. وأحيانًا تدل الآية على حكم من الأحكام بالمفهوم، بمعنى أن الحكم لم يرد في الآية منصوصًا عليه، ولكنه يفهم من معنى الآية.
فمثلًا قوله تعالى:{فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ}[الإسراء: ٢٣] يدل بمنطوقه عن النهي عن التأفف، وهو يدل أيضًا بمفهومه على النهي عن الضرب. (١)
ومن الآيات التي تُبَيِّن هذا النوع قوله تعالى:{فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى}[الأعلى: ٩]، فهذه الآية يفهم منها أن التذكير لا يطلب إلا عند مظنة نفعه، بدليل {إِنْ} الشرطية.
وقد جاءت آيات كثيرة تدل على الأمر بالتذكير مطلقًا، كقوله تعالى:{فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ}[الغاشية: ٢١]، وقوله:{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}[القمر: ٢٢].
وقبل أن نجيب عن هذا الإشكال نبين أولًا أن هذا الاستشكال لا يكون إلا على قول من يقول باعتبار دليل الخطاب - الذي هو مفهوم المخالفة - وأما على قول من لا يعتبر مفهوم المخالفة فلا يعتبر ذلك إشكالًا.
ونجيب عن هذا الإشكال بعدة أجوبة منها:
١ - أن في الكلام حذفًا، أي إن نفعت الذكرى وإن لم تنفع، كقوله:{سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ}[النحل: ٨١]، أي والبرد.
٢ - أنها بمعنى (إذ).
٣ - أن معنى:{إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى}: الإرشاد إلى التذكير بالأهم، أي: ذكر بالمهم الذي فيه النفع دون ما لا ينفع.
٤ - أنها صيغة شرط أريد بها ذم الكفار واستبعاد تذكيرهم.
قلت: والذي يظهر هو بقاء الآية الكريمة على ظاهرها، وأنه - صلى الله عليه وسلم - بعد أن يكرر الذكرى تكريرًا تقوم به حجة الله على خلقه - مأمورٌ بالتذكير عند ظن الفائدة، أما إذا علم عدم