للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسنة فتقبل، وما فيها من المعاني المخالفة للكتاب والسنة فَتُرَد. (١)

ولهذا يجعل كل فريق المشكل من نصوصه غير ما يجعل الفريق الآخر مشكلًا، فمنكر الصفات الخبرية الذي يقول: إنها لا تعلم بالعقل يقول: نصوصها مشكلة متشابهة، بخلاف الصفات المعلومة بالعقل عنده بعقله؛ فإنها عنده محكمة بيِّنَة. وكذلك يقول من ينكر العلو والرؤية: نصوص هذه مشكلة.

ومنكر الصفات مطلقًا يجعل ما يثبتها مشكلًا دون ما يثبت أسماء الله الحسنى، ومنكر معاني الأسماء: يجعل نصوصها مشكلة، ومنكر معاد الأبدان وما وصفت به الجنة والنار: يجعل ذلك مشكلًا

أيضًا، ومنكر القدر: يجعل ما يثبت أن الله خالق كل شيء وما شاء كان مشكلًا، دون آيات الأمر والنهي والوعد والوعيد، والخائض في القدر بالجبر يجعل نصوص الوعيد، بل ونصوص الأمر والنهي مشكلة فقد يستشكل كل فريق ما لا يستشكله غيره، ثم يقول فيما يستشكله إن معاني نصوصه لم يُبَيِّنها الرسول - صلى الله عليه وسلم -. (٢)

ويقول الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: في تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ} [الأعراف: ٥٤]، هذه الآية الكريمة وأمثالها من آيات الصفات كقوله تعالى: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح: ١٠]، ونحو ذلك، أشكلت على كثير من الناس إشكالًا ضلَّ بسببه خَلْقٌ لا يحصى كَثرة، فصار قوم إلى التعطيل، وقومٌ أخر إلى التشبيه - سبحانه وتعالى علوًا كبيرًا عن ذلك كله - والله جل وعلا أوضح هذا غاية الإيضاح، ولم يترك فيه أي لبس ولا إشكال. (٣)

وبذلك يتبين أن كون الآية من آيات الصفات لا يجعلها موضع إشكال، ولا ينبغي وصفها بذلك، كما أنه ينبغي على الباحث أن ينظر فيما يشكل عليه، والبحث عما يدفع عنه


(١) مجموع فتاوى ابن تيمية (١٧/ ٣٠٦ - ٣٠٧) بتصرف يسير.
(٢) درء تعارض العقل والنقل (١/ ١٣).
(٣) أضواء البيان (٢/ ٢٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>