للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَعْهُود، وَالْحِكْمَة فِيهِ أَنَّ الْعَادَة جَرَتْ بِالْمُنَاسَبَةِ بَيْن الْقَائِل وَالسَّامِع، وَهِيَ هُنَا إِمَّا بِاتِّصَافِ السَّامِع بِوَصْفِ الْقَائِل بِغَلَبَةِ الرُّوحَانِيَّة وَهُو النَّوْع الْأَوَّل، وَإِمَّا بِاتِّصَافِ الْقَائِل بِوَصْفِ السَّامِع وَهُو الْبَشَرِيَّة وَهُو النَّوْع الثَّانِي، وَالْأَوَّل أَشَدّ بِلَا شَكّ. وَقَالَ شَيْخنَا شَيْخ الْإِسْلَام الْبُلْقِينِيّ: سَبَب ذَلِكَ أَنَّ الْكَلَام الْعَظِيم لَهُ مُقَدِّمَات تُؤْذِن بِتَعْظِيمِهِ لِلِإهْتِمَامِ بِهِ، قَالَ: وَقَالَ بَعْضهمْ: وَإِنَّمَا كَانَ شَدِيدًا عَلَيْهِ لِيَسْتَجْمِع قَلْبه فَيَكُون أَوْعَى لِمَا سَمِعَ اهـ.

وَقِيلَ: إِنَّهُ إِنَّمَا كَانَ يَنْزِل هَكَذَا إِذَا نَزَلَتْ آيَة وَعِيد أَوْ تَهْدِيد، وَهَذَا فِيهِ نَظَر. وَالظَّاهِر أَنَّهُ لَا يَخْتَصّ بِالْقُرْآنِ. وفِي حَدِيث يَعْلَى بْن أمَيَّة فِي قِصَّة لَابِس الْجُبَّة الْمُتَضَمِّخ بِالطِّيبِ فِي الْحَجِّ، فَإِنَّ فِيهِ أَنَّهُ "رَآهُ - صلى الله عليه وسلم - حَال نُزُول الْوَحْي عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَيَغِطّ"، وَفَائِدَةُ هَذ الشِّدَّة مَا يَتَرَتَّب عَلَى الْمَشَقَّة مِنْ زِيَادَة الزُّلْفى، وَالدَّرَجَات. (١)

٣ - عن عروة بن عبد الرحمن بن عبد القاري، ست عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول: كان إذا نزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الوحي يسمع عند وجهه كدويِّ النحل، وذكر تمام الحديث في نزول {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١)}. (٢)

٤ - عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا نزل عليه الوحي كربه ذلك وتربد وجهه. (٣)

٥ - عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أنزل عليه الوحي نكس رأسه، ونكس أصحابه رؤوسهم فلما أتلي عنه رفع. (٤)


(١) فتح الباري ١/ ٢٠.
(٢) ضعيف. رواه الترمذي (٣١٧٣)، وأحمد (١/ ٣٤)، والحاكم في المستدرك (١/ ٧١٧) والنسائي في الكبرى (١٤٣٩) وقال: هذا حديث منكر لا نعرف أحدًا رواه غير يونس بن سليم، ولا نعرفه. وعبد الرزاق في مصنفه (٦٠٣٨)، قال أبو حاتم الرازي: روى عبد الرزاق هذا الحديث مرة أخرى، فقال: عن يونس بن سليم عن يونس بن يزيد ويُونُسُ بنُ سُليمٍ لا أعرِفُهُ، ولا يُعرفُ هذا الحدِيثُ مِن حدِيثِ الزُّهرِيِّ. علل الحديث (١٧٣٦). وضعفه الألباني في فقه السيرة (٩٧).
(٣) مسلم (١٦٩٠)، (تربد: تغير لون وجهه).
(٤) مسلم (٢٣٣٥). (أتْلِىَ): ارتفع عنه الوحي.

<<  <  ج: ص:  >  >>