للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لآراء الناس، ولكن يُلقي الله - عز وجل - على لسان أمثال عمر ما يوافق كلامه - عز وجل - الذي سينزله على خلقه تشريفًا لصاحب هذا اللسان.

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَقَدْ كَانَ فِيمَا قَبْلَكُمْ مِنْ الأمَمِ مُحَدَّثُونَ فَإِنْ يَكُ فِي أُمَّتِي أَحَدٌ فَإِنَّهُ عُمَرُ".

زَادَ زَكَرِيَّاءُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لَقَدْ كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنْ بَني إِسْرَائِيلَ رِجَالٌ يُكَلَّمُونَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونُوا أَنْبِيَاءَ فَإِنْ يَكُنْ مِنْ أمَّتِي مِنْهُمْ أَحَدٌ فَعُمَرُ" (١).

قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِ سفْيَانَ قَالَ: قَالَ سفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ مُحَدَّثُونَ يَعْنِي مُفَهَّمُونَ (٢).

قَوْله: (مُحَدَّثُونَ) بِفَتْحِ الدَّال جَمْع مُحَدَّث، وَاخْتُلِفَ فِي تَأْوِيله فَقِيلَ: مُلْهَم، قَالَهُ الْأَكْثَر قَالُوا: الْمُحَدَّث بِالْفَتْحِ هُو الرَّجُل الصَّادِق الظَّنّ، وَهُوَ مَنْ ألْقِيَ فِي رُوعه شَيْء مِنْ قِبَل الْمَلَأ الْأَعْلَى فَيَكُون كَالَّذِي حَدَّثَهُ غَيْره بِهِ، وَقِيلَ: مَنْ يَجْرِي الصَّوَاب عَلَى لِسَانه مِنْ غَيْر قَصْد، وَقِيلَ مُكَلَّم أَيْ تُكَلِّمهُ الْمَلَائِكَة بِغَيْرِ نُبوَّة.

وقال ابن حجر: وَيَحْتَمِل رَدّه إِلَى الْمَعْنَى الْأَوَّل أَيْ تُكَلِّمهُ فِي نَفْسه، وَإِنْ لَمْ يَرَ مُكَلِّمًا فِي الْحَقِيقَة فَيَرْجِع إِلَى الْإِلْهَام، وَفَسَّرَهُ اِبْن التِّين بِالتَّفَرُّسِ، وَوَقَعَ فِي مُسْنَد "الْحُمَيْدِيّ" عَقِب حَدِيث عَائِشَة: "الْمُحَدَّث الْمُلْهَم بِالصَّوَابِ الَّذِي يُلْقَى عَلَى فِيهِ" (٣).

وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيليّ "قَالَ إِبْرَاهِيم - يَعْنِي: اِبْن سَعْد: رِوَايَة قَوْله: مُحَدَّث، أَيْ يُلْقَى فِي رُوعه" (٤)، وَيُؤَيِّدهُ حَدِيث "إِنَّ الله جَعَلَ الْحَقّ عَلَى لِسَان عُمَر وَقَلْبه".


(١) البخاري (٣٦٨٩)، مسلم (٢٣٩٨) عن عائشة، ورواه أحمد عن عائشة (٦/ ٥٥).
(٢) الترمذي (٥/ ٦٢٢).
(٣) مسند الحميدي (٢٥٣).
(٤) فتح الباري (٧/ ٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>