للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول ابن كثير عن آية سورة (يس): يقول تعالى مخبرًا عن نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -: أنه ما علمه الشعر، {وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} أي: وما هو في طبعه، فلا يحسنه ولا يحبه، ولا تقتضيه جِبِلَّته؛ ولهذا وَرَدَ أنه، عليه الصلاة والسلام، كان لا يحفظ بيتًا على وزنٍ منتظم، بل إن أنشده زَحَّفه أو لم يتمه.

ويقول: قال أبو زُرْعة الرازي: حُدِّثت عن إسماعيل بن مجالد، عن أبيه، عن الشعبي أنه قال: ما وَلَد عبد المطلب ذكرًا ولا أنثى إلا يقول الشِّعر، إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١).

وروى الإمام أحمد عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا استراث الخبر، تمثل فيه ببيت طَرَفَة: ويَأْتِيكَ بالأخْبار مَنْ لَمْ تُزَوِّدِ (٢)


(١) تفسير القرآن العظيم لابن كثير: ٦/ ٥٨٨، ويقول عبد العزيز القارئ في مقالة (شعر أهل الحديث) مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة العدد ١٠ صـ ٢٩٣: من المجمع عليه أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن شاعرًا ولم ينظم الشعر، بل طبعه الله - عز وجل - على خلاف سجية الشعراء ومنع عنه ملكة الشعر. . حتى ما كان يستقيم في لسانه في الغالب، وإن كان يجري على لسانه أحيانًا، إلا أن النفي عنه بالجملة أن يكون شاعرًا، فإذا جرى على لسانه بيت أو بيتان مستقيمان فإن ذلك لا يعني أنه قال شعرًا، لأن جريان كلام منظوم بغير قصد لنظمه وعنايته بإيجاده موزونًا، يجري على كل الألسنة ولا يعتبر شعرًا.
ويقول صـ ٢٩٤: وكون الرسول أميًا لم يعن مذمة الكتابة والقراءة. . وكذلك كونه ليس شاعرًا لا يعني ذم الشعر. . فلا يفهم من قوله: {مَا يَنْبَغِي لَهُ} إلا أن الشعر مع مقام الوحي لم يكن مناسبًا، كما أن الأمية كانت مناسبة، والدليل على أن المقصود هو تأكيد أن القرآن ليس بشعر أن الآية جاءت في معرض هذا المعنى حيث يقول بعدها: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ} فيكون المعنى وما ينبغي أن يكون القرآن شعرًا؛ لأنه كتاب إرشاد وتعليم وموعظة للناس، والشعر ليس محلا للتفصيل والتبيين والإيضاح بل هو محل الإجمال والإشارة. . فهذا الكلام ليس من نوع الشعر ولكنه (قرآن مبين).
(٢) أخرجه أحمد ٦/ ٣١، ١٤٦، والنسائي في عمل اليوم والليلة (٩٩٦)، وفي السنن الكبرى (١٠٨٣٤)، عن الشعبي، عن عائشة، وأخرجه الترمذي (٢٨٤٨)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (٩٩٧) أيضًا، وأحمد ٦/ ١٣٨: من حديث المقدام بن شريح بن هانئ، عن أبيه، عن عائشة - رضي الله عنها - كذلك، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (٢٠٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>