للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكعبة (١). وكان هذا لا يتأتى له قبل بناء الكعبة.

قال ابن إسحاق: وكانت حية تخرج من بئر الكعبة التي كانت تطرح فيها ما يهدى إليها كل يوم، فتتشرق على جدار الكعبة، وكانت مما يهابون؛ وذلك أنه كان لا يدنو منها أحد إلا احزألت وكشت وفتحت فاهها؛ فكانوا يهابونها، فبينما هي يومًا تشرف على جدار الكعبة كما كانت تصنع بعث الله عليها طائرًا فاختطفها فذهب بها. فقالت قريش: إنا لنرجو أن يكون الله تعالى قد رضي ما أردنا - أي: بناء الكعبة - عندنا عامل رفيق، وعندنا خشب، وقد كفانا الله الحية (٢).

فلهذه العلاقة نقول: إن زيد بن عمرو عندما ترك ورقة بالشام ثم رجع إلى مكة بطريقة غير مباشرة كان باستطاعته أن يصل للكعبة ويسند ظهره إليها، ولا يتم ذلك إلا بعد بناء الكعبة أو حين بنائها وذهاب الحية عنها.

قال حسني الأطير: فهذه الصورة المزعجة لحال الكعبة حال تصدعها قبل الهدم، وإعادة بنائها، ترينا كيف كان القرشيون لا يستطيعون أن يدخلوا الكعبة، ولا حتى أن يقتربوا منها، الأمر الذي بلغ حد أن يعطلهم عن هدمها لإعادة بنائها (٣).

والحاصل من الأخبار السابقة: أن كلًا من زيد بن عمرو، وورقة كانت وفاتهما قريبة من بعضهما، وكانت أيضًا قبل دعوته لعشيرته للإسلام، وإن ورقة لم يمكث بعد بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا فترة يسيرة.


(١) المستدرك (٥٨٩٣)، السيرة النبوية لابن كثير ١/ ١٥٤، الروض الأنف ١/ ٣٨٢، سيرة ابن هشام ١/ ٢٢٤، قال الحاكم: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا الحسن بن علي بن عفان، ثنا أبو أسامة، ثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن أسماء به.
قلت: إسناده حسن - من أجل الحسن بن علي، وأبو أسامة هو: حماد بن أسامة؛ وقد قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
(٢) السيرة النبوية ١/ ٢٧٦، سيرة ابن هشام ١/ ١٩٢.
(٣) نقض الاشتباه بتعلم الرسول من ورقة بن نوفل (١٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>