للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشركة، فأنتم قلتم: إن ورقة أنتج الإسلام ومحمد وزَّعه ونشره بين العرب، فمِن صالح الشركة أن تضع اسمها على المنتج وأن تنسب هذا المنتج إلى نفسها.

فلماذا ورقة لم يكتب اسمه على المصحف الذي ألَّفه لمحمد؟ ولا نقول: إن عليه أن يدعي أن المصحف هو الذي ألَّفه حتى لا تنكشف الخطة، بل نقول: كان عليه أن يكتب على المصحف: نسخة ورقة بن نوفل، كما هو مكتوب على كتبكم المقدسة: نسخة الملك جيمس، أو نسخة الفانديك، أو النسخة الياسوعية، وغير ذلك؛ كمسألة تشريفية له.

فهل هذا يدل على أن ورقة متفانٍ في الإخلاص حتى إنه لا يريد ذكر اسمه، فعلى الأقل يذكر اسمه حتى يترحم عليه المسلمون!

ونرى أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - يُحث المسلمين على ذكر اسمه هو ففي القرآن: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: ٥٦].

وفي الأحاديث: يَقُولُ محمد - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا سَمِعْتُمُ المُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَىَّ؛ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَىَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا الله لِي الْوَسِيلَةَ؛ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ في الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ الله وَأَرْجُو أَنْ أكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَل لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ" (١).

فإذا قلتم: نعم، إن ورقة متفانٍ في الإخلاص لذلك لم يذكر اسمه على المصحف، فنقول لكم: إذن هو لم يحسن اختيار محمد، ولم يحسن تعليمه وتربيته؛ لأن محمدًا لم يكن أبدًا ليعترف أن كل خير هو فيه بسبب ورقة، بالرغم من أنه اعترف لغيره بالفضل والشكر. مَن أكثر مرافقة للنبي ورقة أم أبي بكر؟

بالطبع أبو بكر، فلماذا ادعيتم أن ورقة هو الذي علَّم محمدًا؟ ! مع أن أبا بكر هو الأكثر صحبة لمحمد وذلك قبل بعثته حتى وفاته، فلماذا لم ترد الشبهة باحتمال ذلك؟ هل هذا لأن ورقة نصرانيٌ فتريدون أن تنسبوا الإنجازات التي حققها الإسلام للدين النصراني، أم لأن ورقة كبيرٌ في السن، والرجل قد يُصاب بالخرف عند كبره؟ !


(١) مسلم (٨٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>