من عندها حتى أتى المرأة التي قالت له ما قالت، وهي أخت ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى وهي في مجلسها، فجلس إليها، وقال لها: ما لك لا تعرضين علي اليوم مثل الذي عرضت أمس؟ فقالت: قد فارقك النور الذي كان فيك، فليس لي بك اليوم حاجة، وكانت فيما زعموا تسمع من أخيها ورقة بن نوفل، وكان قد تنصر واتبع الكتب؛ يقول: إنه لكائن في هذه الأمة نبي من بني إسماعيل، فقالت في ذلك شعرًا، واسمها أم قتال بنت نوفل بن أسد:
آلآن وقد ضيعت ما كنت قادرًا عليه ... وفارقك الذي كان جاءكا
غدوت عليّ حافلًا قد بذلته ... هناك لغيري فالحقن بشانكا
ولا تحسبني اليوم خلوًا وليتني ... أصبت جنينًا منك يا عبد داركا
ولكن ذاكم صار في آل زهرة ... به يدعم الله البرية ناسكا
وقالت أيضًا:
عليك بآل زهرة حيث كانوا ... وآمنة التي حملت غلاما
ترى المهدي حين ترى عليه ... ونورا قد تقدمه أماما
وذكرت أبياتًا، وقالت فيها:
فكل الخلق يرجوه جميعًا ... يسود الناس مهتديًا إماما
براه الله من نور صفاء ... فأذهب نوره عنا الظلاما
وذلك صنع ربك إذ ... حباه إذا ما سار يوما أو أقاما
فيهدي أهل مكة بعد كفر ... ويفرض بعد ذلكم الصياما
قلت: وهذا الشيء قد سمعته من أخيها في صفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويحتمل أن كانت أيضًا امرأة عبد الله مع آمنة (١).
٣ - قال ابن إسحاق: اصرف عبد المطلب آخذًا بيد عبد الله، فمرَّ به - فيما يزعمون - على امرأةٍ من بني أسد ابن عبد العزى بن قصي، وهي عند الكعبة، فقالت له حين نظرت
(١) دلائل النبوة للبيهقي ١/ ٣٢، السيرة النبوية لابن كثير ١/ ١٧٦، وإسناده معضل ابن إسحق لم يدرك القصة.