للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقسم الثاني ما صح نقله عن الآحاد وصح وجهه في العربية، وخالف لفظه خط المصحف؛ فهذا يقبل ولا يقرأ به لعلتين (١):

إحداهما: أنه لم يوجد بإجماع، إنما أخذ بأخبار الآحاد، ولا يثبت قرآن يقرأ به بخبر الواحد.

والعلة الثانية: أنه مخالف لما قد أجمع عليه فلا يقطع على مغيّبه وصحته، وما لم يقطع على صحته لا يجوز القراءة به، ولا يكفر من جحده وبئسما ما صنع إذا جحده.

والقسم الثالث: هو ما نقله غير ثقة، أو نقله ثقة ولا وجه له في العربية.

فهذا لا يقبل، وإن وافق خط المصحف، قال: ولكل صنف من هذه الأقسام تمثيل تركنا ذكره اختصارًا (٢).

ثم انبرى المحقق ابن الجزري لذاك التمثيل الذي تركه مكي اختصارًا فقال:

ومثال القسم الأول: (مَالِكِ وَمَلِكِ)، (وَيَخْدَعُونَ وَيُخَادِعُونَ)، (وَأَوْصَى وَوَصَّى)، (ويَطَّوَّعْ وتَطَوَّع) ونحو ذلك من القراءات المشهورة.

مثال القسم الثاني: قراءة عبد الله بن مسعود وأبي الدرداء: (الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى) في {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (٣)} - بحذف لفظ ما خلق -، وقراءة ابن عباس (وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالحَةٍ غَصْبًا. وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ كَافِرًا) - بإبدال كلمة (أمام) من كلمة (وراء)، وبزيادة كلمة (صالحة)، وأما الغلام فكان كافرا بزيادة كلمة (كافرًا)، ونحو ذلك مما ثبت بروايات الثقات.


(١) ومعنى هذا: أنه يقبل على اعتبار أنه خبر شرعي يصح الاحتجاج به عند من يرى ذلك وهم الحنفية دون الشافعية، ولا يقرأ به على أنه قرآن، ولا ليوهم القارئُ أحدًا أنه قرآن. قال النويري: "اعلم الذي استقرت عليه المذاهب وآراء العلماء أن من قرأ بها أي - الشواذ - غير معتقد أنها قرآن ولا موهم أحدًا ذلك لما فيها من الأحكام الشرعية عند من يحتج بها أو الأحكام الأدبية؛ فلا كلام في جواز قراءتها. وعلى هذا يحمل حال من قرأ بها عند المتقدمين. وكذلك أيضًا يجوز تدوينها في الكتب والتكلم على ما فيها. وإن قرأها باعتقاد قرآنيتها أو لإيهام قرآنيتها حرم ذلك. ونقل ابن عبد البر في تمهيده إجماع المسلمين عليه اهـ. مناهل العرفان في علوم القرآن (١/ ٣٤٤).
(٢) الإبانة عن معاني القراءات ٤٠: ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>