ثالثًا: منها: ما يكون للجمع بين حكمين مختلفين {يَطْهُرْنَ} و {يَطَّهَّرْن} بالتخفيف والتشديد ينبغي الجمع، وهو أن الحائض لا يقربها زوجها حتى تطهر بانقطاع حيضها وتطهر بالاغتسال.
رابعًا: منها: ما يكون لأجل اختلاف حكمين شرعيين كقراءة {وَأَرْجُلِكُمْ} بالخفض والنصب، فإن الخفض يقتضى فرض المسح، والنصب يقتضي فرض الغسل فبينهما النبي - صلى الله عليه وسلم -، فجعل المسح للابس الخف، والغسل لغيره.
خامسًا: منها: ما يكون لإيضاح حكم يقتضى الظاهر خلافه كقراءة (فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ الله) فإن قراءة {فَاسْعَوْا} يقتضى ظاهرها المشي السريع وليس كذلك، فكانت القراءة الأخرى موضحة لذلك ورافعة لما يتوهم منه.
سادسًا: منها: ما يكون مفسرًا لما لعله لا يعرف مثل قراءة (كالصُّوفِ المنفُوشِ).
سابعًا: منها: مما يكون حجة لأهل الحق ودفعًا لأهل الزيغ كقراءة {وَمَلِكًا كَبِيرًا} بكسر الكلام، وردت عن ابن كثير وغيره وهي من أعظم دليل على رؤية الله تعالى في الدار الآخرة.
ثامنًا: منها: ما يكون حجة بترجيح لقول بعض العلماء كقراءة {أَوْ لمَسْتُمُ النِّسَاءَ} إذ اللمس يطلق على الجس والمس كقوله تعالى {فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ} أي: مسوه.
تاسعًا: منها: ما يكون حجة لقول بعض أهل العربية كقراءة {وَالْأَرْحَامِ} بالخفض {وَليَجْزِيَ قَوْمًا} على ما لم يسم فاعله مع النصب (١).
والخلاصة: أن تنوع القراءات يقوم مقام تعدد الآيات. وذلك ضرب من ضروب البلاغة يبتدئ من جمال هذا الإيجاز وينتهي إلى كمال الإعجاز.
أضف إلى ذلك ما في تنوع القراءات من البراهين الساطعة والأدلة القاطعة على أن القرآن كلام الله وعلى صدق من جاء به وهو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإن هذه الاختلافات في