للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد تكرر لفظ الإقراء مما يدل على أن القراءات إنما تثبت بالتوقيف والتلقين والتلقي. (١)

عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه قال: القراءة سنة. (٢)

قال البيهقي: وَإِنَّمَا أَرَادَ - وَالله أَعْلَمُ - أَنَّ اتِّبَاعَ مَنْ قَبْلَنَا في الْحُرُوفِ، وَفِي الْقِرَاءَاتِ سنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ، لَا يَجُوزُ مُخَالَفَةُ الْمُصْحَفِ الذي هُوَ إِمَامٌ، وَلَا مُخَالَفَةُ الْقِرَاءَاتِ التي هي مَشْهُورَةٌ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُ ذَلِكَ سَائِغًا في اللُّغَةِ أَوْ أَظْهَرَ مِنْهَا. (٣)

قال أبو شامة: - في شرحه للشاطبية عند الكلام على قوله تعالى: {وَلُؤْلُؤًا} [الحج: ٢٣]، ورسم بالألف في الحج خاصة دون فاطر، والقراءة نقل؛ في وافق منها ظاهر الخط كان أقوى وليس اتباع الخط بمجرده واجبًا؛ ما لم يعضده نقل، فإن وافق فبها ونعمت، وذلك نور على نور، قال الشيخ السخاوي - تلميذ الشاطبي - وهذا الموضع أدلَّ دليل على اتباع النقل في القراءة؛ لأنهم لو اتبعوا الخط وكانت القراءة إنما هي مستندة إليه لقرءوا هنا - الحج - بألف، وفي الملائكة - فاطر - بالخفض.

قال أبو عبيد: ولولا الكراهة لخلاف الناس لكان اتباع الخط أحبَّ إليَّ، فيكون هذا - في الحج - بالنصب، والآخر - في فاطر - بالخفض. (٤)

قال ابن تيمية: وأما قول السائل: ما السبب الذي أوجب الاختلاف بين القراء فيما احتمله خط المصحف؟ فهذا مرجعه إلى النقل واللغة العربية لتسويغ الشارع لهم القراءة بذلك كله؛ إذ ليس لأحد أن يقرأ قراءة بمجرد رأيه؛ بل القراءة سنة متبعة، وهم إذا اتفقوا على اتباع القرآن المكتوب في المصحف الإمامي، وقد قرأ بعضهم بالياء وبعضهم بالتاء لم


(١) القراءات في نظر المستشرقين والملحدين للشيخ عبد الفتاح القاضي (٤١) بتصرف.
(٢) حسن. أخرجه سعيد بن منصور في سننه (٢/ ٢٦٠)، وأبو عبيد في فضائل القرآن (٢١٨)، وابن مجاهد في السبعة (٤٩)، والطبراني في الكبير (٥/ ١٣٣) من طرق عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد عن زيد بن ثابت.
(٣) السنن الكبرى للبيهقي (٢/ ٣٨٥).
(٤) إبراز المعاني من حرز الأماني (٢/ ٣٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>