للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} قال: جمعه لك في صدرك وتقرأه {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} قال: فاستمع له وأنصت {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ}، ثم إن علينا أن تقرأه، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك إذا أتاه جبريل استمع، فإذا انطلق جبريل قرأه النبي - صلى الله عليه وسلم - كما قرأه (١).

قال ابن كثير: هذا تعليم من الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم - في كيفية تلقيه الوحي من الملَك، فإنه كان يبادر إلى أخذه، ويسابق الملك في قراءته، فأمره الله - عز وجل - إذا جاءه الملك بالوحي أن يستمع له، وتكفل له أن يجمعه في صدره، وأن ييسره لأدائه على الوجه الذي ألقاه إليه، وأن يبينه له ويفسره ويوضحه. فالحالة الأولى جمعه في صدره، والثانية تلاوته، والثالثة تفسيره وإيضاح معناه؛ ولهذا قال: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} أي: بالقرآن، كما قال: {وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: ١١٤].

ثم قال: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ} أي: في صدرك، {وَقُرْآنَهُ} أي: أن تقرأه، {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ} أي: إذا تلاه عليك الملك عن الله - عز وجل - {فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ}، أي: فاستمع له، ثم اقرأه كما أقرأك، {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} أي: بعد حفظه وتلاوته نبينه لك ونوضحه، ونلهمك معناه على ما أردنا وشرعنا (٢).

٢ - إخبار الله - عز وجل - ووعده للنبي - صلى الله عليه وسلم -، بأنه سيقرئه قراءة لا ينساها، قال تعالى: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى} [الأعلى: ٦] (٣).

٣ - حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على تلاوة القرآن الكريم وترتيله في كل أوقاته، فكان يحيي الليل بتلاوة آيات القرآن في الصلاة عبادةً، وتلاوةً، وتدبرًا لمعانيه، حتى تفطرت قدماه الشريفتان (٤) من كثرة القيام امتثالًا لأمر الله تعالى {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (٢) نِصْفَهُ


(١) البخاري (٥)، مسلم (٤٤٨).
(٢) تفسير ابن كثير ٨/ ٢٧٨.
(٣) تفسير ابن كثير ٨/ ٣٧٩.
(٤) البخاري (٤٥٥٧)، مسلم (٧٣٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>